Monday, November 29, 2004

اراجيح ...........سلام الاسدي



أراجيح


وطن
من يمنح تاج الوردة ساق الألوان
لفراشات الزنزانة
من يهب الخيط الذهبي
مفتاح النور المفقود
من يكفل ترميم الأحلام
بشفاه الرحمة يمسح شقَّ الرعب
ويندّي هذيان الروح المحموم
كفا منحنيا يلتقط
حبات الملح الساقط
من حزن ينخر أكتاف الوردة

لجوء
أفق الذكرى شريانٌ تخمٌ حدَّ القيء
بعويل بلاد الزلزال
بدموع النرجس
بلور الحزن الصخري
ببقايا القلب المنثور
بشظايا امرأة متعبة
خلعوا أضلعه
غصنا تلو الغصن ....ذرّوه رمادا
فافتح أبوابك ياأزرق
وليعضد غورك فوضاه
لاهدنة مابين الريح
ولهاث نزيف خطاياه

حرية
ماانفك الجنح المصلوب
يكابد ثقل الصخرة
يابستان الريش تحرر
دع رقاص الساعة يجمد
دع أعياد اللون تغرد
واقطف من أسرارك قبلة
إغمس روحك
بأغاني الناس المبتلة
واستقبل طلقة قناص

نهاية 1991
مخيم رفحاء
..........................
توفي الشاعر في حادث سيارة في امريكا
......................
نقلت القصائد عن موقع الشاعر طارق حربي

الموت بين الاشواك والازهار ............. حسب الله يحيى


:لم يكن وقت الظهيرة في ذلك اليوم بهيجا كما جرت اوقات الظهيرة في آذار بل كانت السماء غاضبة، عاصفة ترابية، تركت ملامح بلون برتقالي خانق.. مصحوب بزخات مطر في وقت تطلق فيه صفارات الانذار.. ترافقها اصوات رصاص من اماكن مختلفة.
لم اكن اعرف سبيلا لانقاذ حياتي من الربو الذي يخنق انفاسي او المطر الذي جعل ملابسي رطبة وقد تحول التراب فوقها الى اوحال ـ كنت اشبه بناقلة عسكرية تتخفى من رؤية العدو ـ او اجد قبوا يقيني ما قد يحدث.. او اصل سريعا الى بيتي لمعرفة ما اعدت له عائلتي من سبل قد يقيها قدرا من شرارة الحرب.وفجأة.. سمعت صوتا مدويا حولني الى أذن متسعة تبحث عن خلاصها من فاجعة طالته، او هي على تماس مباشر معه وفي افضل الاحوال قريبة منه.دوى صاروخ يرتطم بالارض، يخترقها وينشر الرعب في المكان ويتحول المكان الى نيران واصوات صرخات وسقوط مبان وزجاج.وقبل ان اتبين نفسي او يتبينني احد دوى صوت صاروخ اخر في الجانب المقابل للشارع.. اعقبته اصوات متداخلة مختلطة بالنيران والامطار والعواصف الترابية.. لم اكن اعرف الى اين اتجه، وهناك كثرة من الناس يركضون في كل الاتجاهات يصطدمون بي او اصطدم بهم. لا اعرف ان كنت قد تسببت في أذاهم او كانوا سببا في ايذائي.لكن مشهدا مثيرا جعلني انسى من اكون واين اتجه وما هي سبل انقاذ نفسي فقد كان المشهد يثير الرعب والدهشة والصدمة.. والصرخة المرافقة للمشهد كانت غريبة، موجعة، خائفة.. على نحو يمتص معه كل الاسى المحيط به.كنت اراه.. شيخا، بثوب متهرئ.. ووجهه اكله الرعب وقد تحول كلا الى صرخة.. صرخة تنطلق من غور سحيق.. ويدان تحضنان بعضهما، تمسكان موقع البطن.ـ انقذوني.. امعائي تسقط.. امعائي، امسكوها.نسيت كل ما تبقى منه ورحت اركض اليه.. اساعده على الامساك بأحشائه.. لم يكن هناك ما يشير الى ان الرجل قد فقد امعاءه.. لكنه يمسك امعاء تقطر دما وقطرات من المطر وبقع من الاوحال.. امسكت بأمعائه، رفعتها فوجئت بانها تنفصل عنه والرجل واقف ينظرها كما لو انه يتأملها مودعا..امسكت الامعاء بكف وبالكف الثانية تلمست بطنه.. قفز، انتابه خوف وألم.. لم اكن اعرف ان كان فرحا ام حزينا وانا اطمئن الرجل قائلا:ـ امعاؤك بخير. اطمئندهش من كلامي:ـ احشائي بين يديك.. كيف اطمئن؟امسكت بيده.. ألححت.. قلت:ـ المس.. هذه بطنك احشاؤك ما زالت موجودة.ود لو يصدقني.. وطاب لي ودي عندما يصدقني.. وراح يساعدني على الامساك بالامعاء التي كانت تنبض سريعا، حارة، دامية، موحلة، ماطرة من دم وماء.. ركضنا معا نبحث عن صاحبها.. لهذه الامعاء صاحب، ليس من المعقول ان السماء امطرت بين ايدينا امعاء لا تعود لأحد..توجهنا الى سيارة تحترق، جثة تحترق.. تهرب من النيران وتهمد وقد طالتها الاوحال والمطر والسماء البرتقالية الزاحفة الى لون مماثل للنيران..قلبنا السيارة.. كان هناك جمع من الناس يساعدنا وجمع اخر يرقبنا ويخشى ان يتقدم.. حذرا من صاروخ اخر قد يلقى في الزمان والمكان..اختلطت صرخاتنا بأصوات سيارات الاسعاف والاطفاء والنجدة.. ونحيب النساء صرحات متشابكة تخاصم بعضها صرخات صدئة، موجعة، حذرة، خائفة..و.. توقفت نظراتي ادركت انها تيبست وليس بوسعها ان ترى.. ترى قلبا، قلبا لأنسان ينبض.. هذه الاوردة والشرايين تنبض هذا الشفاف يتمزق هذا الدم الساخن يعلن النجار عن حرارته في هذه الظهيرة الآذارية الموحشة.نسيت الاحشاء في يدي.. احتضنها فوق صدري في يد كما لو كنت احتضن مولودا يفتح عينيه للنور توا، او كيس فاكهة يلذ لي ان يفرح بها ابنائي..امسكت بالقلب جعلت اغطيه بقميصي، كما لو كنت اخبئ كنزا، ورحت اركض باتجاهات شتى لا اعلمها واصرخ بطريقة لا افهمها.. صار الناس يركضون حولي.. صرت اسمعهم يقولون:ـ جن الرجل.. هذا الرجل اصيب بالجنون.هل كان هذا الرجل المجنون انا.. هل كان هذا الشيء الذي احتضنه قلبي ام قلب سواي، هل كانت هذه الاحشاء تعود لي ام لغيري.. وهذه الدماء.. هل كنت انزفها.. كم فقدت منها.. وانا الذي اخاف قطرة دم دجاجة. تهرب مني، مستفيدة من الرجل الذي يحن على حياتها.. على حياة غصن يقطع وينزف من حليب البراءة..ووجدت نفسي محاطا بأياد كثيرة ووجوه حائرة.. بعضها خشن قد من غضب، بعضها يذوب من رقته، بعضها يختنق من خوف ودهشة.. شاحب مثل ليمونة.. بعضها وجوه لم اتبينها.. وقد ضيعت ملامحها بين الدم والوحل والمطر.. اختلطت في وجهي كل الوجوه.. ورحت احدق في اشياء كثيرة.. تبصرني ولا ابصرها.. هذه النيران والدخان فأين الرماد.هذا الرماد، هذه القطع الفحمية، هذه الاشياء الحمراء، البرتقالية، السوداء.. هذه السيارات، الارقام، واجهات المحلات، وجه رجل ملقى وفي فمه لقمة.. السواد.. السواد.. سواد العباءات النسوية، الوجوه، سواد الاعلام الحسينية.. ذلك ان اربعينية الحسين لما تحل بعد.. ولا بعد.. لبعد..اين اصل الاشياء الدائرة حولي كلها.. هل قطعت، اقتلعت من الجذر.. حتى الجذر حين يقتلع له اثر.. فأين اثري، اين الانسان الذي في، من يدلني علي، من علي يؤشر يومئ من اكون من اين كنت..؟اين الامعاء التي في يدي، في يد رجل طمأنته، وفي قلب لا يطمأنني.. اين الجنون الذي في، اين العقل الذي في.. امعائي موجودة.. اين افتقدت امعاء الرجل ماذا سأقول عندما يسألني عنها لقد ائتمنها لدي.. هل اخون امانة احد..؟اين ضيعت قلبا نابضا كان يملأ علي كفي.. كفاي خائنان كفاي شريران لابد من قطعهما حتى يكونا عبرة لبقية اعضائي..؟ صرخت بكيت من صراخي بكي مني بكائي.. تقطرت السماء من دموعي كانت دموعي موحلة.. وحلي مقدس.. منه خلقت، اليه اعود.. آذار ينبت ازهاره، يفوح عطره منه.. منه هذا السواد الحسني، منه هذه (الحواسم) منه هذه (الدهشة) منه هذا (الارهاب) منه هذا (الجهاد).كل يضحك مني.. كل يأخذ مني.. كل يقطف مني ازهار حياتي.. كل يدوس بغلظة على هذا الانسان الذي بين يدي احشاء وقلبا.. ودما، مطرا، وحلا، عاصفة ترابية.. آذاري الدم.. حسيني المحتوى.. آفل كما لولم اكن.كما لو انني جبلت من جنون هذا الرجل الذي في..هذا الانسان الذي تصهره عاصفة آذارية شاحبة.. تدور، تدور، تركض العمر كله.. ثم تطحن سريعا بين (الحواسم) و(الدهشة) تموت.. تموت بين الاشواك والازهار.. تموت.. بين اشواك قاسية وازهار صناعية زائفة..
...........
عن جريدة الصباح العراقية

Saturday, November 27, 2004

الراعي ملك سومر يصعد الى السماء على ظهر نسر............رؤيا الغالب


الراعي ملك سومر يصعد الـى السماء على ظهر نسر!

البصرة ـ رؤيا الغالب
:يعد السومريون في تاريخ بلاد وادي الرافدين من اقدم الشعوب العريقة التي استطاعت وضع لبنات الحضارة الاولى في القسم الجنوبي من العراق القديم الذي عرف ببلاد سومر والمكتشفات الاثرية والنصوص السومرية سلطت الاضواء على جوانب مشرقة من منجزاتهم الحضارية ودورهم في اغناء الشعوب بالمعرفة في مختلف جوانب الحياة اليومية
واسم السومريين انمحى من ذاكرة التاريخ وعفا عليه الدهر وبقي في طيات النسيان ما يقرب من ألفين وخمسمائة عام بعد سقوط بابل في سنة 539 ق.م.. وفي عام 1869 عثر العلماء على نصوص مسمارية نسبوها الى قوم عرفوا بالسومريين نسبة الى لقب استخدمه ملوك وادي الرافدين وهو” ملك سومر “. وبعد سنوات قليلة من هذا التاريخ اكتشفت للحضارة السومرية آثار في المدن الواقعة جنوب العراق في مدينتي” تلو “ التي كانت مدينة” كرسو “ السومرية والاخرى مدينة” نفر “ التي كانت واحدة من اشهر المراكز الثقافية والدينية في تاريخ الحضارة السومرية.وتم الكشف في مدينة نفر عام (1881 ـ 1900) عما لا يقل عن (30000) رقيم طيني مدونة بشتى صنوف المعرفة وهي تعود الى ازمان تمتد من منتصف الالف الثالث وحتى القرون المتأخرة من الالف الاول قبل الميلاد. ثم توالت التنقيبات في مدن سومرية اخرى جنوب العراق مثل شروباك وآرب وكش والوركاء واور مما عرف الباحثين بالمنجزات الحضارية العظيمة للسومريين في مختلف المجالات كالعلوم والمعارف والفنون والعمارة.ان القسم الجنوبي من العراق كان في بداية العصور التاريخية موطنا للسومريين الذين سكنوا المنطقة الممتدة من حدود مدينة نفر الى اقصى الاراضي الجنوبية من وادي الرافدين وقد عرفت هذه المنطقة في العصور التاريخية ببلاد سومر.ولقد اثبتت المكتشفات الاثرية في المدن السومرية المختلفة ان هذه الاقوام مارست انظمة سياسية واعرافا وعادات اجتماعية متشابهة وكان لها معتقدات وطقوس دينية واتجاهات فنية اي ان الاقوام السومرية كانوا جزءا من حضارة واحدة نشأت وازدهرت في القسم الجنـوبي من وادي الرافـدين التي تـعرف الـيوم بالحـضارة السـومرية.يعتبر اختراع الكتابة في حدود (3000)ق.م بداية لما يعرف بالعصور التاريخية حيث ابتدأ الانسان وبالتدريج بأستخدام الكتابة لتدوين شؤون حياته اليومية اي جوانب من تاريخه.. وتعرف الحقبة الزمنية الممتدة من (2850 ـ 2400)ق.م بعصور فجر السلالات التي تتميز بظهور اولى السلالات السومرية التي شكلت انظمة سياسية تعرف بدويلات المدن السومرية وقد دلت عليها الكتابات التي تركها امراء هذه السلالات بالاضافة الى بعض النصوص الادبية التي تحدثت عن مآثر الملوك وامراء ذلك العصر.ويحكي تاريخ الجداول السومرية ان” الملوكية “ نزلت لاول مرة من السماء في مدينة اريدو ثم جاء الطوفان العظيم الذي اكتسح الارض ومن عليها باستثناء رجل الطوفان” زيوسدرا “ كما جاء في النص السومري وان الالهة بموجب المعتقدات السومرية كانت تحكم البشر وتفوض او تنسب من بينهم من يمارس هذه السلطة على الارض وهم الحكام والملوك.وهناك قصة طريفة تقول ان الملك الثالث عشر في سلالة كيش” اثينا “ كان راعيا وصعد الى السماء على ظهر نسر من اجل ان يحصل على نبات النسل لانه كان عميقا ووطد جميع البلاد من اجل ذلك.ومن السلالات السومرية الشهيرة سلالة الوركاء الاولى التي اشتهرت بملكها الخامس كلكامش (2700 ق.م) والتي خلدت مآثره في قصص بطولية سومرية وفي ملحمة بابلية طويلة سميت باسمه وتعتبر ملحمة كلكامش من اشهر المؤلفات الادبية في تاريخ الحضارات القديمة حتى وصلت شهرتها ارجاء واسعة من العالم القديم وتصف مغامرات البطل كلكامش وان الانسان لا يخلد جسديا بسبب الموت ولكنه يخلد اسمه وتبقى ذكراه عن طريق اعماله ومآثره
*************
عن جريدة الصباح العراقية

Wednesday, November 24, 2004

الابعاد النفسية للطوطمية في الادب................د.محسن الرملي


الأبعاد النفسية للطوطمية في الأدب - د.محسن الرملي - كاتب عراقي مقيم في مدريد
إذا كانت الدراسات النفسية للأدب تعتبر قليلة بشكل عام علي الصعيد العالمي، فلنا أن نتصور مقدار نقصانها في ثقافتنا العربية، علماً بأن ميدان الدراسات النفسية للأدب ذاته يتشعب إلي كثير من الفروع والتفاصيل، التي من بينها التحليل النفسي لدلالات الرموز الطوطمية في النصوص وهي أيضاً تتعدد بمثابة منافذ لرؤية جوانب مختلفة منها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفني والإيروتيكي وغيرها.وهنا، بالطبع، لا نعني بـ(الطوطمية) المذهب الذي عُرف بين قبائل الهنود الحمر قديماً في أمريكا الشمالية القائم علي تأليه طوطم يمثله حيوان أو نبات باعتباره أصل الحياة في معتقدهم، وإنما نقصد نماذج الطوطم المتعارف عليها في جل الثقافات بشكل عام، والمتجسدة في أشياء ودمي وتمائم رمزية وغيرها يتفاءل بها البعض أو يتشاءم، ويربطها نفسياً بدلالات غيبية أو تنبؤية وما إلي ذلك..وداخل هذا الإطار الأخير تأتي دراسة الأكاديمي الإسباني الدكتور رافائيل كابانياس آلامان Rafael Cabanas Alaman النظرية والتطبيقية علي أعمال أحد رموز الأدب الأسباني في القرن العشرين، الروائي رامون غوميث دي لاسرنا بعنوان (الطوطمية والتوقُّع في روايات رامون غوميث دي لاسرنا Fetichismo y Perversion en la novela de Ramon Gomez de la Serna) حيث تقوم هذه الدراسة، النادرة في مجالها، بفك تشابك الخيوط المعقدة وإضاءة الكثير من الجوانب الخفية للعقد النفسية للشخصيات وبالتالي التوصل إلي بلورة فهم أعمق للذهنية العامة لعصرها باعتبار الأدب شاهداً علي عصره، وقد عمد آلامان تركيز دراسته علي أهم أربعة روايات فقط من أعمال دي لاسرنا وهي: (الأرملة البيضاء والسوداء/ الحب الغريب لامرأة غريبة) 1921، (الفندق الكبير) 1922، (شاليه الأزهار) 1923، و(ريبيكا) 1937 منبهاً إلي أن الأعوام التي كُتبت فيها هذه الروايات الأربع كانت حافلة ببدايات دخول الدراسات النفسية إلي إسبانيا والانتشار الفاعل لترجمة نظريات وأعمال فرويد التي تم تلقيها بتفاعل كبير وخاصة من قبل النخبة المثقفة وبالتالي انعكاس هذا التفاعل والحماس علي النتاج الأدبي لتلك المرحلة.ورامون غوميث دي لاسرنا (1888 ـ 1963) هو بلا شك أحد أهم الأسماء، من تلك النخبة، الثقافية الإسبانية في النصف الأول من القرن العشرين ومن الذين عُرفت لديهم النزعة الحداثوية في بدايات ظهورها في الأدب الإسباني المعاصر ومن الطليعيين في الاهتمام برسم العمق للشخصيات إلي جانب الاهتمام بالجمالي اللغوي. لذا فإن قيام الدكتور رافائيل باختياره كنموذج للدراسة يعني بالتالي التعرف علي ملامح مرحلة بكاملها شاركت بالتأسيس للثقافة الإسبانية المعاصرة حتي يومنا هذا.تنبهنا هذه الدراسة أيضاً إلي أنه وعلي الرغم من أن الطوطمية مظهر قديم من مظاهر السلوك الإنساني إلا أنها تعود الآن بأشكال وصيغ مختلفة ومعاصرة قد لا تكون مفهومة مباشرة علي أنها طوطمية لكن تأملها وتحليلها سيكشف لنا مدي علاقتها بها، ومن ذلك مثلاً ما نجده من سلوكيات الإنسان المعاصر التي تنحو إلي الهوس بالتفاصيل، الاهتمام المفرط بتجميع الأشياء عموماً، ثم تجميع سلاسل خاصة من أشياء بعينها، كالطوابع، العملات النقدية، الساعات، الدمي، الأربطة، القداحات، الخرز،اللوحات، نوع من الثياب، نوع من العُلَب، نوع من الأواني،.. وغيرها من أشياء بذاتها. صيغ الجرائم، خلق الرموز الدعائية، والتحييد المتواصل والمتفاقم لما هو إنساني لصالح الشيء أو الهدف الجنسي أو التشبه بالمصنوع من دمية وآلة ورموز سينمائية وميثولوجية كما هو حاصل مع المرأة التي يتم استدراجها لتتشابه بنماذج بعينها من الموديلات وتماثيل الآلهة وشخصيات الحكايات والأشياء.. وغيرها.وتأتي أهمية هذه الدراسة أيضاً من حيث أنها تسعي للتطبيق العلمي (وخاصة علم النفس) علي النصوص الأدبية، أمر يغري القارئ بفتح أفق أوسع وأكثر جدية للتعامل مع المُنتَج الأدبي، كما يدفعه للمزيد من الرغبة للاطلاع علي بقية أعمال لاسرنا ومعاصريه، وبالتالي فهم عصره بشكل أفضل، الأمر الذي يؤدي بدوره إلي توظيف آلية التلقي عبر هذا الفهم للتعرف علي العصر الآني للقارئ حيث ستمنحه، دراسة من هذا النوع، ما يشبه المنهجية لتحليل ما يتلقاه.يشتمل الكتاب علي ستة فصول، يتم تخصيص الأول منها لتحديد تاريخ مصطلح (الطوطمية) وتوظيفه في الأدب، وتقصي الأصل التاريخي للطوطم عبر مصادره الثلاثة: الدينية والخرافية والجمالية، ثم إضاءة العلاقة بين الطوطمية وعلم النفس. فيما تأتي الفصول اللاحقة الأربعة تطبيقية تفصيلية، كل فصل عن رواية، وفي تناول كل رواية يرتئي رافائيل أخذ كل شخصية مستقلة علي انفراد وتحليلها نفسياً بما في ذلك شخصية الراوي، ويتم التركيز أيضاً علي استشفاف الأبعاد والدوافع الجنسية لطبيعة تعامل هذه الشخصيات مع الطوطم. وبعد ذلك تتم دراسة طبيعة العلاقات بين هذه الشخصيات فيما بينها ومن ثم علاقتها بمؤلفها ثم علاقة مؤلفها بعصره، لذا يكون الفصل الأخير شاملاً عن الطوطمية في إسبانيا وأوائل الكتاب الأسبان الذين تناولوا الطوطمية بشكل عام ومن ثم ما تمت الإشارة إليه من قبل هؤلاء إلي وجودها الفاعل في أعمال دي لاسرنا. وهكذا تكشف هذه الدراسة عن ريادة مهمة لدي لاسرنا في الاشتغال النفسي المركَّب في الأدب الإسباني، ومن ناحية أخري تضيف خطوة جادة إلي الخطوات القليلة في ميدان الدراسات النفسية للأدب الإسباني بشكل خاص وفي الأدب العالمي بشكل عام. وبالتأكيد سنجد لفرويد الحصة الأكبر كمصدر أولي لدراسة من هذا النوع تقل مصادرها كلما تركزت علي زاوية بعينها كالدلالات الإيروتيكية النفسية للطوطم، وتجدر الإشارة هنا إلي أن من بين الدراسات القليلة لهذا الأمر هي التي كتبها الروائي البيرواني المعروف فارغاس يوسا حول الطوطمية عند فلوبير.يعمد الدكتور رافائيل أيضاً إلي إرفاق دراسته بصور مختلفة لنماذج متنوعة من التماثيل الصغيرة والرسومات والدمي (خاصة الدمي الشمعية التي كان لاسرنا مولعاً بجمعها) والتمائم وهيئات لقديسين ولوحات استوحت الخرافي وغيرها، مما يحمل دلالات في الذهنية الشعبية الإسبانية كونه مرتبط بالميتافيزيقي أو السحري والغيبي، حيث قام بالتقاط صور واضحة وتوضيحية لهذه النماذج مما عثر عليه في المتحف الإقليمي لمدريد، وهو وإن كان يستعين بها للتوضيح إلا أنه في الوقت نفسه اتخذ منها صيغة إغراء للقارئ وهو يقوم بمجاورتها بالتحليل النفسي المعقد لسبر أغوار الشخصيات في أدب لاسرنا وبالطبع رابطاً كل ذلك في تبيان المناخ العام للذهنية الإسبانية تجاه هذا الجانب (الطوطمي) في الثقافة العامة، ومن ثم وجهته الخاصة وتوظيفها عند النخبة المثقفة.تجدر الإشارة إلي أن الدكتور رافائيل كابانياس مازال يواصل مشروعه في الاستكناه النفسي الخاص للأدب، وهو يعمل حالياً كأستاذ للغة والأدب الإسبانيين في جامعة سان لويس الأمريكية في مدريد Saint Louis University بعد أن أنهي دراسته في جامعة بوسطن، وله الكثير من الدراسات والمشاركات في المؤتمرات داخل إسبانيا وخارجها، تتركز جلها حول الأدب الطليعي، إضافة لما يقوم به من ترجمات أدبية منتقاة من الإنكليزية إلي الإسبانية وعمله في تقنيات ومنهجيات تعليم اللغة الإسبانية حيث حاز علي جائزة بهذا الشأن من بوسطن سنة 1996.وأخيراً نتمني أن يشكل ما ذكرناه هنا حافزاً إضافياً نحو تحريك جانب من دراساتنا وقراءاتنا لأدبنا العربي إلي تعزيز البحث والتحليل للجوانب النفسية ومنها تلك الرموز الخفية وراء الطوطم في النصوص وخاصة أن ثقافتنا الشرقية ثرية جداً بهذا الميدان الذي مازلنا نجد حضوره الفاعل في تفاصيل تقاليدنا الشعبية وحياتنا اليومية. AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 1977 Date 26/11/2004جريدة (الزمان) --- العدد 1977 --- التاريخ 2004 - 11 -26

Tuesday, November 23, 2004

ماذا نكتب؟.................مهدي النفري

ماذا نكتب؟
ماذا نكتب لو اندثرت القصيدة؟
لو انتهت الكلمات
لو لم تكن للكتابة وجود
لو لم يكن الحلم
ماذا نكتب لو
لم نكن (الشعراء يتبعهم الغاوون)*
....................
كلمات للسحاب
قد تأتين أيتها الأحجار
بأصوات
بكلمات
ببصيرة
وقد تأتين
بالسراب
..........................
الظلمة التي
نتناولها كل يوم
لاتترك لنا
سوى
صورة المطر
فوق البحر
..................
هل حان الوقت لنرى بياضك أيها الثلج؟
....................
السنة
التي انتظرناها
كل الوقت
بكل التفاصيل
حاضرة هي الآن
لتوديعها
................
حلم أخر
يولد بدون بصر
دعنا نبيع الذاكرة
القدرة هي أن نبلع صمتنا

.....................

Saturday, November 20, 2004

نصوص ............الكاتب العراقي حسن بلاسم




عزيزي القارئ




أشتري لك أسنان جدتي السومرية !


حين تنتهي الحرب
أشتري لك بغداد/ قميص نوم جديد
حصانا أسود
واطوف بك / حتى مصحات الأرض
افرغي دودة امعائك الحزينة
اشتري لك اغرب الكحول
افتح لك قلوب الشعراء
ابصقي دم اسنانك
واشتميهم / حفاراللغة وحفار القبور
أشتري لك المبيدات
رشي الذباب على جثث الأولاد والبنات
أشتري صديقة/ مدينة سحاقية
اشتري باريس
كي تشرح لك المني والرقص والغناء
أشتري لك الحاويات الفسيحة
ارمي الرجال من الماعز
الخيانات
الأسلحة
اسماء الله الكبيرة
اتركي الصغيرة للبسطاء
أشتري لك عود ثقاب أمين
دخني لحية ابو جعفر المنصور
أشتري قاموس جيب صغير
كي تفسرين الماء واللطم والكتابة
حين
تنتهي
الحرب
أشتري لك بغداد/ اللحم والجلد والعظام
اضحكي وانت ترتقين اثدائك في المرآة
حين
أشتري لك أسنان جدتي السومرية
كلي ما تبقى من التاريخ
...................
..................



خادمة شيعية

تحرس قدور الطبخ
تمسح دم العائلة على وجه الباب
تشق ثوبها في الشتاء
وترش الماء صيفا فوق رأس جدها المقطوع
ستنتهي الحرب
حوراء أبنتهم ايضا في السلام
تكنس قمل الأمام
تخبز شعير العائلة




البسطاء


ماذا يفعل البسطاء !
يعيشون حتى تشتمهم كتب الشعر
ماذا يفعلون بالكتب !
يعرفون انها تشتمهم
ماذا يعتقدون !
بالشمس طبعا
ماذا يرديون من الشمس!
يفتشون عن القمل
البسطاء ماذا !
بسطاء تحت الشمس
البسطاء يمشون !
حين يجوعون على أربعة
ماذا يدخنون !
يفتحون علب احلامهم
ماذا ينسون غير الزمن !
تنظيف اسنانهم
ماذا يكتبون لهم في الصحف !
الشمس ستشرق
ماذا يطلع !
البسطاء كالعادة
ماذا ينتظرون !
اولاد بدل الاولاد في المقبرة
ماذا يفكرون !
وحللنا لكم لحم البسيطه والبسيط
ماذا يكره البسطاء بالتحديد !
يحبون الطعام والحدائق العامة
ماذا يتنفس البسطاء !
ابخرة الفصول الاربعة
ماذا المواشي الطيبة !
انا أسميتهم في قصيدة
ماذا قصيدة !
مضاعفة عمل الله على الارض
ماذا الارض!
اذلال البسطاء




عزيزي القارئ

نعم
الروائي حلاق واقع
الموتى خزين واقعي
الاشجار تماثيل واقعية
نعم
الانسان دجاجة الواقع
البيض حكة جنسية
الدجاجات واقعية جدا
الواقع بيت الدجاج الحزين
نعم
الحلم رئة واقعية
الشاعر ثعلب دجاجات واقعي
القاتل حلاق واقع ايضا
نعم
الحاضرغريق واقعي
البحر مسرحية واقعية
الأسماك تصفق
بقوة تصفق للغريق الواقع
نعم
في بطون الزمن
جماجم الأطفال واقعية
طاحونة ريش
الزمن حارس طاحونة واقعي
نعم
عزيزتي الدجاجة
كل الأبتكارات أحذية واقعية
ماعدا الله
الذي كتب في ستة ايام
نعم
حكايته السينمائية هذه

حسن بلاسم

hassan73@mail2world.com


رسائل الكترونية...............الكاتب عبدالله المتقي

- 1-
-صباح جميل
الساعة السادسة ، و كعادتي أبحلق في الفضاء و العالم يغط في شخيره و كانني سيدة
هذا الكون ، في الحقيقة لا أريد أن اكون سيدة الكون ، لكن فقط ،، يجتاحني هذا الشعور
و يغمرني الصفاء فاسبح خفيفة بأحلامي ،و رغبتي أن ألقي بردة الخير والنقاء غطاء مخمليا
أو مطرا نديا خفيفا ينعش دون ان يبلل حقا ، ثم ريثما أعود إلى أوراقي فضائي أنا ،أنقل فيه
ما جنيت من رحلتي الوهمية ، وأتخيل قصصا حزينة كأني عشتها .
قال لي احد الكتاب نظرتك تشاؤمية .. لم اتصور انها كذلك ابدا ، لعل فيها حزنا ،
حزن ما اتمثله بعقلي و قلبي لمن عايشوا التجارب التي أكتبها ، لعلني ادخل
ذواتهم أكثر منهم ، لا اعلم من اين يطلع حزنهم في ـ لكنني اعيشه و اكتبه كما
صدق حسي في التقاطه، و هذا هو حلمي :
ان يلبس كل واحد حزن والم الآخر ،و يتمثل
احلامه ،،آه .يا صديقي لو يصير العالم هكذا ..تصور كم سنحب بعض و كم سنهدأ .
المهم ..هذه هلوسات صباحية ، لا اعلم لماذا ،،لكن كلب الجارة الفضة لا ينبح هذا
الصباح ،حتى هو هدأ ، لعله يحلم ، بقطعة عظم او لحم ،او فقط ..بان يلبس روح كلب
آخر
نلتقي اكيد، كن بخير فقط
سيدة المقام

- 2 -

عزيزي
تركت فراغا رهيبا لو كنت اعلم ما كنت تركتك ترحل .
……………
اتخليك الآن في البادية، ما اروعك بالجلباب البلدي و الطربوش و الشارب المفتول ياعمدة ، وعلى رأي المصريين:
- "رقصني ياجدع "
.........................أحب ان أثرثر معك
تمتع و امتعني معك، و عندما ترجع تجد صديقتك المجنونة بانتظارك
قد اغيب نهاية الاسبوع لكن السبت اعود

كن بخير
سيدة المقام

- 3 -
عزيزي
تحية البادية التي تهوسك ،وتأخذ عقلك ،،
تحية صيف لا نحبه أيضا لكنه رحيم لحد الآن بنزقنا
تحية قلبك الدافئ النائم في الامان
تحية صديقة تفتقدك كثيرا
وينك ؟
أغيب و تحضر
أحضر و تغيب
أمس ، اليوم ،،
لنحتفل بعرس آخر غير عرس الذئب،
عرس قلبك الراقص على نغمات الوفاء ، المتهجد في معبد الصداقة الأبدية
دائما ، ابدا ، حتما ، ..مهما غبنا
سجل انني دخلت النت كذا مرة عساي اجدك لاصدع راسك قليلا بحكي،
لكن تفلت بجلدك و تسلم من ثرثرتي

الوفيةسيدة المقام

- 4 -

مساء النّمل والنّحل بس بلا قروص,!
هل عدتّ؟ هل اختفيتَ؟ هل ظهرتَ؟
اظهر وبان وعليك الأمان، اخرج وتعدك رسائلي بألاّ تتعرّض لك، وستعرب لك عن الشكر إن
قرأتها بشهية، والمهم ياعزيزي ،أنا هون، يعني أنا هنا، مع الأطفال، في النادي الصيفي، الذي يأخذ جل اهتمامي ووقتي.
غذا سنعرض مسرحية " الزارع "، فقبل قليل أتى رسام صغير بالعمر، رسم اللوحة الخلفية للمسرحية، بيد رائعة وخفيفة جداً جداً. والاولاد حفظوا أدوارهم ، والاغاني التي كتبتها من أجلهم نالت إعجابهم ، وغنوها كلها اليوم في الرحلة، وبالمناسبة ،فقد اصطحبت ثلاثين طفلا اليوم في الرحلة، وبالمناسبة ،فقد اصطحبت ثلاثين طفلا اليوم إلى الغابات ، وكان نهارا
جميلاً، رغم أن ميشيل وقع من فوق الشجرة ، وبعد أن أسعفته بالماء البارد ، لم أستطع
التوقف عن الضحك،لأني لم ولن أنسى عينيه الخائفتين عندما وقع.
عزيزي
سقط مني سهوا أن أخبرك أن الأغنية التي سنبدأ بها المسرحية ، هي على لحن
الفرح لبتهوفن وتقول :
"هنا الحقل أرجوحة، والقمح ولد عنيد، تؤرجحه الريح، والأيدي تحصد الفرح الجديد،
عيون السماء تضحك دوماً، مبتلة بأحلى المواعيد، والخبز يملأ البيوت، كأنه كل يوم عيد
هنا البقرات سوداء وبيضاء، والأيدي تجلب الحليب، لايهمنا مهما صار، مايهمنا أن
نبدأ من جديد، قلبي وقلبك أكبر حقل وكل يوم المحبة تتزايد، لن ننسى ذاك الذي
ليس لديه حطباً أو طحينا"ً!
هناك أكثر من خمسة أغاني مع البيانو، وأنا سعيدة جداً بهذا العمل، بناتي وعائلتي بخير، وسعيدة جداً بقصائد ليلك، وإلى تواصل جديد
الليل، وبتواصلك من جديد!
دوما سيدة المقام

- 5-
...............................
لم اشرب قهوتي بعد و انا مجنونة قهوة ،اليوم عندي ضيوف و غدا أيضا و بعد
غد
الاثنين 5 جويلية عيد الاستقلال سازوراهلي و بعض الاصدقاء في بلدتي الاولى
،ساتصل بك من هناك ، ربما نلتقي على الماسنجر ، ربما نلتقي قبل ذلك ،
عندما
اغافل الضيوف الثقيلين جدا جدا جدا ..المهتمين بخرجات الاعراس الاخيرة و
تدبيرات هيئة و مستلزمات حضورها و عن المواليد الجدد و الناجحين الجدد و
قائمة
العقوبات المضجرة التي لا تنتهي و ساتفف و امل ذلك .و اتحدث قليلا و ابتسم
كثيرا .. لن اضحك ابدا ، و اعض الشفة من فرط الغيض . قد استرق ساعة
انشغلاهم
بتفاهة المسلسل المدبلج او خروجهم الى السوق لاكتب لك .
سنلتقي أكيد .
المخلصة المغلوبة على امرها و حياتك

- 6 -

عزيزي..
لم يحدثني أحد عن عنقي ابدا و لم يلاحظ احد ان عنقي فيه ما يستحق
الكلام ..
لم يطلب مني احد ابدا ان اعيره هذا العنق
و جئت انت كحلم كملاك ..كطفل يعبث باوتاري،يدغدغ مشاعر نائمة مخدرة تعبة ماذا
افعل انا ؟
ماذا اصنع بقلب متعب ؟
صديقي العزيز ..عنقي يحمل غصات متراكمة ،تاريخا متخما بالهزائم,,
هل تقبل عزيزي عنقا الوته الخرائب ؟
هل تقدر على حمله ؟
هو لك ..هو لعزيز غالي أخشى عليه مني و من تعبي .
أسئلتك ..سأخصص لها وقتا
احبك أيضا كما تحب الفراشة نور الصباح ...و لكن ولكن ولكن .....
................................
كن معي دائما و الله أ..حمل لك في قلبي أشياء كثيييييرة

..........

لقد أذهلتني جملتك الرائعة التي قلت فيها : "ما الذي يحدث لو يولد الأصدقاء شيوخا
ويموتون أطفالا"
إنها عبارة فاتنة جعلتني أقف عندها كثيرا.
أتصورك رقيقا للغاية وحساسا أيضا أيها الجميل
....
بحثت عن الاسئلة و لم اعثر عليها هلا أرسلتها مرة اخرى ؟شايف صديقتك مهملة و
كسولة الى اي حد ؟ لكن و حياتك لم أمسح من بريدك شيئا ،ربما لم افتش بشكل جيد
محبتي
سيدة المقام

-7 -

صديقي العزيز

مشغولة جدا
لكن قلبي لم يطاوعني الا اكتب لك ولو بضع كلمات حتى
تعذرني كمان وكمان

كم اتمنى ايضا لو تحقق كأس الكابوتشينو رغم اني احب
الاسبرسو اكثر.. لكن لا يهم ففي الاحلام تتساوى
نكهات القهوة المختلفة والعواصم كذلك
عندي الكثير من الاخبار والمشاريع لكن سوف اؤجل
اخبارك بها لبعد يومين

- 8 -

عزيزي الرائع

أحبك أيضا وأشتاق إليك، غير أنني أخاف أن أصاب بالإحباط عندما نلتقي. فلدي
خيال واسع يجعلني أحلق عاليا وأحلم كثيرا وعندما لا يتحقق كل ما كنت أحلم
به أحبط. إنني مشاغبة وطفلة كبيرة تكسر كل شيء إذا شعرت بعدم الرضى. لا
أريد إخافتك، لكن أريد أن يكون لقاؤنا الأول رائعا. ليس ضروريا أن يحضر
. الجسد، رغم أهميته، لكنني في حاجة إلى الحنان والحب. . . العذري. . .
......

حدثتك يوما عن طفلة كانت تحلم ان تكون ولدا لاعتقادها ان ذلك سيعتقها ..لا باس
،،
لكن يمكنها دائما ان تحلم ،تحلم بفراشات تخرج من شرنقاتها لتعانق الضوء و لا
تموت
لا احد يستطيع ان يمنعها من الحلم ،،أليس كذلك ؟ رغم ان الاحلام متعبة و مؤلمة
فيمكننا ان نخترع لنا برحمها حياة موازية ، يمكننا ان نفرح و نبكي بمشيئتنا ..لكن هل
يمكننا ان نغير شيئا ؟
كن بخير و اهتم بنفسك
سيدة المقام

Friday, November 19, 2004

وساوس مسعود.............الكاتب عبد الواحد الانصاري

وساوس مسعودنص قصصي خطوة أولىعلى نافذته ذهنه البنفسجيّة الموصدة، ذات المقبض الذهبيّ المشغول برسوم مائيّة، كتب مسعود: ممنوع دخول النساء، والمجاذيب، وذوي الاحتياجات الخاصة. ممنوع دخول كل من ليس في طاقته أن يرى وجه زنجي يمرّ مستترا بالظلام الدامس، وممنوع كلّ من لا يسيل لعابه لدى ذكر الحلوى، والفطائر المسلوقة في العسل، وفاكهة الشمّام.مسعود والشمّاممسعود ليس شابّا ولا كهلا، بمعنى أنّه ليس قديما معفى من الأحقية في الحضور الحاليّ، وليس من طائفة المودرن، وليس هو مواطنا لصيقًا بمعنى المواطن الذي لم يغادر بلاده قطّ، فقد رأى بصورة غامضة وبالغة اللطف كيف يضربون رؤوس الخنازير في بوركينافاسو ثم يقذفون بها في أتون النار وينقضّون عليها في سعار مجنون ليغرفوا شحمها بالكواريك. ومسعود يخشى النساء لأنه لم يتعرّف منهنّ إلا على ميمونة النحاسيّة التي دخلت عليه وهو مضطجع على جنبه وفي يده الخبزة المغموسة في السمن، وجلست بجواره ومدّت قدمها الطويلة التي تشبه حرف الألف في لافتة الصيدلية الثقيلة، ومضتْ تقضم الفطائر بتلذّذ، وترفع أصابعها المزيّتة إلى شعرها لتفلفله ثم تفتحه بكل أريحيّة، وعندما همّ بأن يسألها قطعة من الفطائر العسليّة حال بينه وبينها ضباب له ذرّات فصيحة الأجرام، ولم يتبق من حسّها إلا صوت تلمظها وبلعها، فاختار أن يبدو وكأنه يريد تركها، وهجرها، وهكذا ظلّت تعاوده إلى يوم وفاته. وميمونة النحاسية مهما يكن من أمر ليست سوى قضمة فأر واحدة في السور الذي تدهور وأدى بمسعود إلى التخلّي عن حياته عندما تسلّق الجسر المعلّق الوحيد بالرياض، الجسر المعلّق مشرفا على حجز السيارات بوادي لبن حيث تبيت الكلاب الجعريّة مستظلّة بالسيارات التي لن يعود أصحابها إلى أخذها، قفز من أعلى الجسر وظلّ مشغولا في فترة السقوط القصيرة بالانبهار بالأعمدة المعدنية الهائلة التي تتدلى من السحاب. ومسعود ليس منبوذا إلى الحدّ الذي يمكن أن يصمه به الخيال الجائر، فقد دخل القصور من أبوابها الأماميّة على شكل مهرّج، ودخلها من أبوابها الخلفيّة على شكل متكفل بأداء مهمات واحتياجات خاصة، لأنه لا يُخشى منه أن يتطاول لسانه بذكر شيء، لأنه ينسى دائما في يوم الغد ما حدث بيوم الأمس، وقد عرف الشمّام في يوم ارتجفت فيه الأرض لشدة البرد، خرج ليلا واستنشق الهواء البارد بخياشيمه وملأ به صدره، فشمّ رائحة كرائحة الشمّام، الرائحة التي بفضلها هي وحدها توصل إلى لحظة حبّ أبديّ مع الشمام، لكنه لم يهتدِ إلى الشمّام إلا بعد عدة أشهر، في مأدبة غداء عائلية في قيظ عام من الأعوام المجدبة، وكانت الشمّامات مبسوطة في أطباق دائرية بيضاء بلا نقوش وبلا عمق، والشمامات مبتورة من أطرافها وقد قطعتْ الثمار تقطيعا رأسيّا، وفاح عبيرها، فتذكّر بها الرائحة التي كان يخرج في الليالي مصطكّ الأضراس مرتجف السُّلامَى ليطاردها دون أن يحلم مجرد الحلم أنه سيعرف لها شبهاً، ومن ذلك الحين اعتاد أكل الشمام بفصمه، بعد أن يمصّ كلّ حبة من حبّاته مغمضا عينيه طوال العملية الحميمة، يغرس السّكين فقط في رأس الثمرة الكبيرة المستديرة، ثم ينقضّ بأصابعه الفتيّة على الثمرة، يمزّق عذريّتها، ويتمتع برؤية مائها يسيل على ظاهر كفه وباطنها، وتسببت هذه العادة أيضا في طروء عادة أخرى جديدة عليه، هي الاكتفاء بنضح اليدين بالماء بعد أكل الشمام، ليبقي على رائحته معه أطول وقت ممكن، وذلك ما كان سببا آخر ضمن سلسلة الأسباب المتعاقبة في اعتياده على تخليل شاربه وفمه بيديه، ذلك ليشغل حاسة شمه بهما، وليس ليمنح شاربه ويديه متعة تبادل اللمس اللاإرادي.إضافات أخرى عن ذهنيّة مسعوديحسن بنا ألاّ ننساق خلف التفاؤل بأننا ندرك خبايا ذهنيّة مسعود؛ فهي ذهنيّة مثقفة تركّز أحيانا، ولكنها في غالبيّة الأحيان تتدهوَر، ومسعود كمرضى الزهايْمر ينسى بعض أسهل المسلّمات العقليّة، ويستسلم بعفويّة إلى التصرف بسلوكيّات مرضيّة وأحيانا تكون بدائيّة، ولكنّ كلّ ذلك تحت سطوة مشاهداته التي يراها، خاصّة أنّه يمتلك قوة ذهنيّة تمكّنه من خلط ذكرياته وخيالاته وتجسيدها فيكون لها ظهور المرأى المحسوس، ولذا فهو يعايش ويرى بأمّ عينيه ما يحدث وهو يسترجع ذكريات قديمة لا علاقة لها بالحضارة المدنيّة ولا بشكل المدينة القائمة حوله، عهد الجدب والهوام التي تسقط على حواف الآبار وتلدغ كل ما يحيط بهِ بللٌ من قرَبٍ وغيرها، يتذكر في تلك الفترة الغابرة من الماضي كيف أنّ الماء كان حماية للآدميين من الهوامّ إضافة لكونه سقيا لهم، وأن الريّ والبلل المتشعب في باطن الأرض هو المدافع الوحيد عن بقاء الإنسان، وإلا فإن أي قطرة ماء تصب من قربة أو دلو أو جرّة فإن هوام المناطق المحيطة ستتهافت وتقذف بنفسها على البلل وتلدغ الموجودين في خضم اندفاعها المستميت إلى أيّ رطوبة، ورأى ذلك فقال: "لم أعد متشوّقا لرؤية يأجوج ومأجوج". وكم من مرّة أغضى بنظره عمدا عن أناس شاركوه مسكنه، وكان السبب في إغضائه عنهم هو أن كل أهل البيت لا يلتفتون لهم ولا يشغلون أنفسهم بهم، مع أن سكناهم استمرّت لفترات طويلة، إلى درجة أنهم لم يكونوا يخرجون حتى للصلاة، بل كان لهم مسجدهم في مستودع القبو، ولهم إمام يلقبّونه بهذا اللقب: (المطوع)، يلقي خطبته قائلا: ربكم أمريكا، ربّكم الملك، وأنا ربي الله، ويحثّهم على جمع التبرعات، فيجمعون له بُكَشَ الملابس في الغرفة، مقابل أن يغض طرفه عن مغازلات غريبة تجري فيما بينهم، ومقابل أن يستمر في التغاضي عن بعضهم وهم يتطاولون ويؤذون الجيران بملء قبضاتهم أرزّا ورميها في سطوحهم المجاورة. الشوربة التي يأتي بها أبو دهمان –وهو أحدهم- تبقى في القدر وكل منهم يمد يده بملعقته في القدر وهذا هو ديدنهم في الأطعمة بوجه عام. دخل عليهم لص، فخرجوا هاربين جميعا ولم يبق منهم إلا رجل اسمه صالح وهو نائم بجانب زوجته، وزوجته تقول: ألا ترى هذا اللص الجالس على طرف فرشتنا؟ فيقول لها: وهل صنع لك شيئا؟ هل مدّ يده عليك أو على شيء؟ واستغرب اللص وخرج لهذا الجنون الذي لم يتوقعه قط ولا حتى في أشد أحلامه شططا. كان هذا في العهد الذي يسميه مسعود بعهد النور، ثم جاء عهد كسر الكؤوس، فصاروا يشربون في الكؤوس ويكسرون أي كأس لا يعجبهم طعم ما فيها، آخرون كسروا الكؤوس التي لا يعجبهم شكلها، وجاء من بعدهم ليكسروا الكؤوس الصينية التافهة التي لا تستعمل إلا لاستعراض جمالية الدواليب وتحتل منها مساحة شاغرة بلا مبرر، ولذا فهي هي الأحق بالكسر كما قالوا، ومسعود يستاء جدّا لأن أهله يحملونه مسؤوليّة كل هذه الاعتداءات وهو ليس سوى ساكن وحيد ورجل بيت لا حيلة له في الأمر. بعد ذلك جاء عهد انقطاع النور، عهد الظلام، وخروج أهل البيت منه، أخبروه أنهم مغادرون لزيارة وعليه إذا عاد إلى المنزل أن ينتظر عودتهم، ولكنه تأخر بسبب متابعته تحول رغيف البدر الكامل إلى نصف رغيف بسبب الخسوف، ثم تحوله إلى مظروف معوجّ بسبب زيادة من الخسوف، وكان حزينا على البدر فلم يحتمل رؤيته وهو في كامل محاقه وعاد فلم يجدهم فبدأ يشفق على نفسه، طلع الفجر قاتما بعض الشيء، فقال إنّ الفجر لا يأتي مسفرا في الليالي المقمرة كإسفاره في الليالي المظلمة. وتطوّرت ضجّة السكان الجدد في الظلام مما اضطرّه إلى اللجوء إلى الحمّام، ليعيش فيه عهداً يسترجع فيه الذكريات القديمة التي لا علاقة لها بالحضارة القائمة في المدينة. جرّب أن يخرج ويبدو كريما فسمح لنساء الحيّ أن يدخلن البيت بزنابيلهن ليجمعن الزبائل، وكان يعتقد أنه يرى ابنته الكبرى وزوجته بينهنّ لكنه شك بالأمر ثم تجاهله، واكتفى بأن يلاحظهن دون أن يسأل من هؤلاء؟ عاوده شوقه إلى القراءة فصعد إلى مكتبته، وإذا بابنه يصعد ببعضهم إلى مكتبته، يبدأ بعضهم القراءة بصوت عال ويسألونه أن يقرأ ويسمعهم ما يقرأ فيعلي صوته ويغيظهم برفعه حتى يغادروه تاركيه لأمره، ودع ابنه قائلا: لماذا تصر على التطفّل عليّ، هل تحاول أن تكون لي إصبعا سادسة، الإصبع السادسة متطفلة، لأنها تتدلّى بلا فائدة، ليس كذا فقط بل وتأتي لي بالعار. ثمّ يملّ القراءة وينزل إلى البهو فيرى الفوضى العارمة وضجيج السكان، فيرجع إلى الحمام وتبدأ مرحلة جديدة وعهد يسمى في تاريخ ذهنية مسعود بعهد البلل، لأنه يفتح الماء ويعرض جسده له حتى تلصق به ثيابه فيخلعها ويبقى في مكانه، وتنمو كل الزوائد في جسمه، فيمنحها بعضا من وقته، فتتوزع ملاحظته بينها وبين بلاط الحمام المظلم الأخضر، الذي يبدو لونه حينا، ويختفي حينا، بحسب تسلط الضوء من المنور أو من النجفة التي ظلت تضعف بالتدريج حتى انطفأت، وينتهي به الأمر بتشرخ جلد أنامله وأصابع قدميه، ثم بتشرخ جلد كفيه وقدميه بالكامل، في البداية نزع الجلد المنشق بلا أدنى ألم، ثم أتى الألم، وصبر عليه حتى نبت له جلد ضدّ الماء. غنّى لحمامة تنوح على نافذة الشفّاط، لأنه يكتسب شفافية حميمة تجاهها، واستعان بواسطتها على استرجاع اشتياقه إلى مكتبته وإلى التدوين، لكنه تكاسل، وسوّلت له نفسه أنه لا يتحرك من حوضه خوفا من أن تخاف الحمامة أو تتضايق، يتخيل أنه يحاورها، أنه لا يستطيع الحركة كيلا تفزع وتصطدم في الجدار أثناء طيرانها في المنور، ثم تصنّم حيث هو كيلا يجعلها تحس بالغربة من بعد رحيله، ليعوّدها على لحظات الخلوَة قبل أن يفارقها، ثم شعر أنه يحتاج لوجودها، أنه مضطر لوجودها، لكن بالرغم من كل ذلك فإنه حان وقت رحيلها فرحلت وتركته؛ لكنّ ذلك لم يخلّف في كبيرَ أثرٍ، فانعقدت بعدها بينه وبين الحشرات علاقة صداقة وثيقة، نادمته لعدة ساعات فراشةٌ غُبارية، وكان يقول لها: أنت فراشة مدينة، فراشة غباريّة بلا لون، وحدّثها عن جمال الفراشات الزاهية الألوان التي رآها في الخرائب. يصاب بنزلة معوية وبرد في جوفه لكثرة بقائه في الماء، فلا يستطيع الشرب إلا مع كثير من القيء، وهنا يحاولون إخراجه وانتزاعه من وحدته فيتجلد، وتنزل عليه عافية لا تفسير لها، ويكتشف أنه إذا لم يسمح لهم بالدخول فسوف يخرجونه، فيأذن لواحد منهم بذلك، والحقّ أنّه شخص مؤدّب، يطرق باب الحمام المغلق، وطرقه للباب يختلف عن طرق أي ابن آدم آخر له، فهو يطرقه بثقة وخفّة مغايرة لكلّ ما يعرفه، فالأطفال الذين تربّوا في بيته ونمت هيبته في قلوبهم يطرقون طرقات مترددة ناضحة بالخوف، والذين ما زال يدلّلهم يطرقون بقوّة وارتجاليّة لكن فيها وهَنُ الأطراف الغضّة، والكبار يطرقون بجفاء متسلّط ويتظاهرون أثناء ذلك بالقلق عليه. هذا الطارق المؤدب يأتيه ببيضة مخفوقة وشطيرة فطائر عسليّة، وقطعة شمّام، وكأس حليب محلّى بالسكّر، وذلك هو غذاؤه، ويتناوبون في أداء هذه المهمة، وقد تعلّموا منه جميعا طريقته اللبقة في طرق الباب. وتنتهي هذه الأيام ويخرج من عزلته فلا يعرفه أحد منهم، يكلمهم فلا يردون عليه، ويستمر الوضع وهو يفهم أنهم لا يعرفونه وبعضهم لا يدري أصلا كيف وصل هنا، لأنهم سكان جدد، والذين كانوا هنا ذهبت بهم ريح طيبة ولم يبق منهم أحد. يملّ البيت ولكنهم لا يسمحون له بالمغادرة فيستسمحهم في ربط قدمه بعمود المغسلة ضمانا لعدم هروبه، ويخرج ليجلس على عتبة بيته، يتعرف على امرأة مبرقعة تجلس على رأس الوادي بعصاها التي ينتهي أعلاها وأسفلها بأطراف بلاستيكية ليّنة، مولّية ظهرها لكلب ينبح وهي في كامل الاسترخاء، وكأنما لا صوت قريبا منها. قالت إنها تشعر بالملل، فقال لها ماذا كنت ستفعلين لو أنك حوّاء وأنا آدم، فقالت ربما دفعني الملل مثلها إلى إغرائك بأكل الشجرة. خلّل شاربه وفمه بيديه، باليمنى أولا ثم باليسرى، لم يحدث شيء، كشف جذعه العاري لعله يسمتدّ بتأثير منظره عليها شيئا من عطفها الذي احتاجه، يُحدث ذلك تأثيره المطلوب عليها، وفي ليلة قالت له أحب السقف المتهالك الذي يظلك والبساط الخشن الذي يلوّح إليتيك والكلاب التي تنبحك والثعابين التي تجد فرصتها لتموت مخنوقة على يديك وحتى زوجتك التي تحتضنها كل ليلة بين يديك. وقالت له: حبّك في قلبي ينطنط ويستلقي وينبطح ويمد بعنقه وينكمش ويزحف ويحبو ويضع رجلا على رجل ويبول واقفا أو جالسا ورجلاه ممدودتان ويداه منتصبتان خلف ظهره ويزعق ويشخر ويحلق ذقنه ويغني ويبصق بلغمه في قلبي. اكتشافه للوضعية الجنسية المتحررة التي ينفك بها من أغلال أوهام الضعف الجنسي، على يد امرأة مبرقعة تمرّ به فجأة، ويتعرف عليها وهو مربوط بعتبة الباب، هذا أثمن من نعم الجنة الدنيوية كلها، فيتخيّل وضعياته معها دون أن يباشرها معها، ويظل بعدها يحمل لها معروفا يحار في الطريقة العادلة لردّه لها، ويشجعه ذلك في غيابها على أن يعود لمكتبته ويدون شيئا.مسعود يتحدث عن أوراقه ويحاول أن يبدو متعقلاأحمل في جعبتي كلاما كثيرا وكبيرا، عن عبد الرزاق الذي كتب رسالة غريبة قبل اختفائه للسيّد الكبير، قال له فيها إنه لم يعد يرى لانتظار مواعيده أيّ فائدة ما عدا الفائدة التي قد تحصل من انتظار تفقيس بيض السحالي، وقال أيضا أن مشط السيّد الحديديّ يجرح فروة الرأس أكثر مما يسوّي شعث الشعر. وبين يديّ مجموعة من الأوراق الأخرى التي نتجت عن تلاقح أفكار ميّتة وتغيّرات للأجواء تتوعّد من لا يتوقّاها بذات الرئة، وفعلا نحن في الزمان الذي يصبح فيه المرء مؤمنا ويمسي كافراً. أما جاري عصام فله الدور الأكبر في سدّ الثغرات البسيطة، كردّ الشتيمة بمثلها على أقل تقدير، تعشّيت معه في السطح على وجبة كودو، هبرنا الدجاج بأيدينا هبراً ومضغناه مضغا سريعا، وكنا مستعجلين على الكيف فبدأنا التدخين قبل أن نمسح أفواهنا ثمّ تابعنا التدخين بأكفّ مدهونة، ولا أدري كيف تجرأت، رتّبت شاربي وفمي بيديّ، وقلت له ماذا تستطيع أن تفعل بالإضافة إلى توجيه الشتائم، فأجابني أستطيع أن أرى يا مسعود. وبدلا من أن يغضب أو ينتهي الحديث ضحك لأنه تذكّر عام الثمانين حين سقطت عين سيارته الكرونا وتدحرجت أمامه مسببة أزمة سير، وانقضّ هو بين السيارات المندفعة محاولا إنقاذها قبل أن تتهشّم تحت الكفرات، وفعلا أنقذها، قال لي إنه شعر بأنه يحمل بين يديه عينا حقيقية يسيل ماؤها في كفيه وإنه ما يزال سعيدا لأنه أعادها إلى موضعها سالمة، وانصرفنا ونحن على وئام لم نعهد له مثيلا منذ وقت طويل. أما غيره من الناس فلا يفعلون شيئا، وينصحون برعي الغنم واعتزال الناس في الشعاف الوعرة، لكنْ حتى رعي شاتين وحدك في الصحراء من شأنه أن يدخلك السجن من أوسع أبوابه إذا لم تمطر السماء كلّ سنة مرّتين مطرا غزيرا يجعل الخزامى تفوح في الأرجاء. ماذا لديّ أيضا، هذه أوراق مغبرّة لصديق قديم كان بيننا اتفاق على أن أقوم بالتعقيب له على أمر ما مقابل خدمة معلومة، وإما أنه نسيني، أو أنه زهد في بذل الخدمة مقابل أختها، وفي كلتا الحالين سينسى حتى نسيانه. ما هذا الصوت الممطوط الذي أسمعه وكأنه نداء حنون لشخص يندب حظه، أهو المقطع البطيء لحرف المدّ في كلمة (سوّاح) وعبد الحليم ما يزال يعدّ نفسه ويحشد أنفاسه، ومازالت لديه مهلة لعرض المهارة وتليين القلوب قبل البدء. مررنا بحيوان نافق رمته مزرعة داخلية خاصة، رأسه كرأس البعير نوعا ما ويغطيه الوبر، لكنه ليس بعيرا، ويشبه متنه الحصان، وإذن هو كالحصان وما هو بالحصان، قيل إن جرثومة مستعجلة على إتمام مسعاها هي التي قضت عليه، ولم يفلح التعجيل في طلبيّة العلاج النادر الذي أوصى به البيطريّ الذي كان يأتي دائما ومعه الخلاص لبهائم المزارع الفارهة وخاصة بهيمة اللاما. أحمل في جعبتي ليس ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، بل ما يرى ويسمع ويخطر، لكنه لا يحكى، والمتألّقون والمتألقات كثُر كعدد النجوم بل كعدد الرمل ولكن أين ما يمكن أن يحكى. ونحن صغار-كي نتجنب الكذب-اعتقدنا بأن العبد الزنجي لم يسودّ لونه بهذا الشكل، ولم تغلظ عنقه وتصبح بهذا العرض إلا لأنّه يكتم ما يعرفه. ثمّ كبرنا لنعرف أنّ الذئب لم يكن ليأكل اللحوم المتعفنة بعظامها لولا ثقته بكفاءة أمعائه الغليظة ومرونة فتحة شرجه. مثل هذه الوقفات تصلح كمقدّمات أو نهايات مدوّية ولكنّها إذا جاءت في المنتصف تكون كالغصة في الحلق خاصة إذا تضارب المستوى، وإذن فنحن في المنتصف. وفي منتصف المدينة أمام البنك السعودي البريطاني ازدحم كلّ شيء ولم أعد أرى إلا اللوحة الإلكترونية ذات الخطّ الأحمر ذي الهيكل العقيم، وهي تتناقل برتابة بين درجة الحرارة والتوقيت. الانتظار حكمة في كل شيء. الأمثال والحكم -بوجه عام- لا يزال لها فعلها المؤثر والقادر على الإقناع بالرضا بالقليل أو اللاشيء وحتى العبور على صراط الموت مقابل لا شيء، ولا تزال تصرّ على أن تكونَ أبديّة البقاء، محافظة على أدق تفاصيل قسمات أبديتها. كل هذا ممكن، لكن ماذا عن الاهتمام برونق المسجد ونسيان الساجد وماذا عنّي أنا، وقعت ضحية عملية حسابية طويلة عريضة لا نهاية لها وفي النهاية سمعتني إحدى العجائز فقالت: "ما تقوله باختصار هو أنك أعزل ولا سلاح باليد"، دهمني إحباط لا يقاوم، نسيت ما سيأتي في خضم ارتعابي من هول ما مضى. ولا داعي لبهرجة الاعتراف بما هو ظاهر للعيان، فقد شرعت في رصد المشاهدات وتركت جعبة الأوراق القديمة الملأى بالحكايات الغريبة عن بيوض السحالي والاستعانة على الحرمان بإدخاله بين مخدات المجالس الفاخرة السمينة. كلّ هذا ممكن، ولكن السؤال المهم لم يطرح بعد، فأنا الأهم أولا وآخرًا والكل في الكل، وما دامت الدنيا مصرّة على أن تكون جديرة ومؤهلة ومستحقّة للمسيح الدجال حين يأتي ليحكمها فما دخلي أنا، نعم أنا، إنه تفكير جيد اعتقدت بسلامته منذ نمتُ ذات مرّة بكامل ثيابي لأن تساؤلا محيّرا لبسني، ما هذه السوداويّة طالما الغروب له سحره والشروق له رونقه والنكات لها قبولها والمباهج لها فتنتها والحيطان والأسقف لها سماكتها، وهل يمكن تجاهل أنّ كلّ شيء يرسل إشارة عفوية إلى أنّ قافلة الآمال الطويلة تسير بلا تقاعس، وإلى الآن لا، إلى الآن لا توجد ديون ولا انقطاع في الكهرب، وحتى على مستوى الهوايات لم ينته ما في جعبة الورق الأصفر المبروم، وكل ما هنالك أني أجّلت فتح كل الملفّات لأن لكل مقام مقالا. والحقيقة أني أدير المقال بحسب المقام وأثبت كل يوم مهارتي بكفاءة نادرة. باستثناء الاحترازات التي لا يمكن إغفالها، فلا بد أن لكل قاعدة شواذها، خذ مثلا عندما قال لنا أحدهم-في إحدى العزائم- أنه ماهر في الحساب، وأجرينا له اختبارا بسيطا فثبت لنا جهله، ورفضنا زعمه وسخرنا منه، لكنه دعانا إلى الخارج وأثبت لنا مهارته بأن رفع سيارة الهوندا الصغيرة الواقفة بذراعيه العاريتين، وتحدّانا أن يقوم منا ثلاثة مجتمعين بفعل نفس الشيء، أطلنا النظر إليه واجمين، فقال لنا أنتم تكرهونني من أجل نعمتي وتتمنون زوالها، أدركنا أنّ ما يقوله يحمل في طياته قدراً كبيراً من الصدق، فسكتنا،واقتنعنا صاغرين.الهلوسات الأخيرة التي أودت بحياة مسعودكان لظهور ميمونة النحاسيّة في هلاوسه قصب السبق في تدهور ردود أفعاله عن وساوسه، لكنّها كانت مجرد قضمة أخيرة لفأرة مأرب في السد، ولذلك فقد عرف أنها ستكون افتتاحية في مآسيه منذ تعذر عليه في لقائه الأول بها أن يشاركها في قضم الفطائر العسليّة، ويتعذر فهم وجه هذا التدهور إذا حُذِف منه أي مشهد، ولذلك قبل استحلاب قطرات الدّم لنصبّ مرارتها اللزجة على ألسنتكم الحسّاسة نعتذر عن مذاقها، وقبل أن تكشطِ العقد الشّوكيّة النافرة من الحبلِ المتقشّف جلودكم الطريّة نعتذر عن ملمسها، لكن ما قيمة الحقيقة إن لمْ نر العظم تحت الجلد الناعم، وهو آخر ما يبقى من الجسد، ورؤية العظم خلف الوجه والورك والصدر هي الفكرة الوحيدة التي يتحصن بها الذين استعصوا على حبائل النساء. إذا كنا نخادعكم عن هلوساته فما جدوى سرد شيء منها، وإذا كنا سنقفز منها شيئا فسنقفز إذن تفاصيل كل الهلوسات الثلاث التي تكررت ثلاث مرات في أمكنة ثلاثة، بلا اختلاف في المرئيّ والمسموع سوى أنّ هذه، التي نرويها لكم الآن، كانت في الحيّ العجوز الذي سينتفض ترابه ويغطي أحذيتكم غباره المتطاير إلى مستوى الكاحل، وثمة هبّة قويّة ذات الشمال قد تهب عليكم وقد لا تهبّ، وقبل الوصول إلى المزرعة المسيّجة عبر ملاحق العمّال التي أصبحتْ منازل لمشرّدي الأفارقة، هناك في القاعة التي ستلاحظون أنها مترامية مطليّة بلون فاقع حادّ رغم دنوّ المساء وخفوت ضوء المصابيح، تجدونه يشارك في النياحة على أعزّ أقاربه الباقين على قلبه، تفاوتت الأماكن والمناظر والمناخات التي عوى فيها معهم وهو ينوح على هذا القريب العزيز، وازداد طعم نياحته مرارة عندما جرّب التركيز ليعرف من كان الفقيد بالتحديد، عوى، لم ينقطع عواؤه، ولكنّ صدره تجوّف من الداخل وتلاصقت جدرانه، كقربة امتصّتها شفتان شرهتان ولم يتبقّ فيها حتى الهواء، صار صوته أخفض وارتفع مستوى اللوعة المنبثقة من وجدانه وهو يستشعر اضمحلال الطاقة التي تمدّه بها حباله الصوتية. إن كنا سنمحو حرفا زائدا مما رآه فسنمحو ما جرى في الجلسة التي تلتْ ذلك والرجل المكلّف بمهمّات الاستضافة، يشقّ أرغفة الخبز أنصافا، ويحشوها بسائل مخاطي أبيض يتدلّى من الملعقة الخشبية الكبيرة كذُبالة ثقيلة لسائل نستحي من ذكر اسمه، يوزّعه عليهم فيأكلون الساندويتشات أكلاً عاديّا بلا نهم وبلا تقزز، التأنيب هو ما كان يملأ جوفه وليس طيش الأمعاء الذي من عادته أن يتبختر كتبشير بالقيء. إن كنا سنتخطى ما لا يُعقل –والتخطي لا يعني إلا مزيدا من الجهل بما يدور في ذهن مسعود- فهل سنتخطى أنه شعر بلا عقلانية ما يحدث، وتذمر من انقطاع المناحة على الرجل العزيز، لأنهم نفخوا في بوق الاستدعاء الفوري، وفتحوا أحد الأبواب الخمسة الفولاذية الصدئة، التي بدت في جدار السور الهائل كفتحات صغيرة للرؤية، وأمروا الموجودين بالمساعدة في إطفاء نار تزحف باتجاه الجنوب بفعل الريح الشماليّة، سترون الورق وباقي الهشيم تقفز به الهبوب المنخفضة وتحطّه ثم تقفز به ليرتطم بالأرض مرة أخرى، واللهب اللافح يفحّ وهو يتنقل من شجرة هرمة إلى أخرى، البعض قفزوا من علوّ السور (كيف استطاعوا أن يتسلّقوه!)، وهو وجد أنّ الباب مسدود ببلوكّات بسمك عشرين سنتيمترا ترتفع إلى مستوى الرقبة، فكاد أن يصيح بهم: وما فائدة فتح الباب، ولكنّه، من خلف البلوكات، رأى كل واحد منهم يفرغ سطلا مليئا بالماء على النار، ويجري إلى الداخل باتجاه امرأة يتبطّنها فيضاجعها مباشرة، وكلّ تحرّكاتهم لها نفس التشنّجات ونفس الوقع الدامي للمعارك الخالدة، تملّكه حماس لا يضاهى، ووجبت نياط قلبه داخل صدره، خلل شاربه وفمه بيديه، باليسرى ثم باليمنى، وطنّت في أذنه نداءات ذات إيقاعات بطيئة كمواويل الحوريات، وانطلاقا من صدغيه، جرى في عروقه دم كان يجري في عروق أجداده وهم يقتحمون الأسوار، ويكسرون بسواطيرهم المتاريس الخشبية في المغازي، وهم يحلمون بالجواري، بالجميلات منهنّ على وجه التخصيص. تدفق البلل من شدقيه وإبطيه ومعبره الرئيسي للرغبة، وتسلّق السور الحجريّ بدوره، بأظافر لها صلابة وبرودة وانشحاذ الفولاذ الأسنّ، وقفز في وسط النيران (أيضا هو لا يدري كيف فعل!). إن كنا قد اعتدنا على الحذف فإذن سنحذف أنه وجد معشوقته ميمونة النحاسية مستلقية مفرودة، وفتى قائم على ركبتيه وقد سبقه إليها، رأى كرامته تُمتهن أمامه فهاج وماج، وهاهنا بدأت الأماكن تتفاوت والمشاهد تتغيّر بتسارع، ففهم الأمر على أنه تضييع للوقت ريثما يتمّ الفتى مسعاه ويطلق ساقيه للريح، إن كنا سنغفل شيئا مما جرى له فسنتجاهل أنه، بعد تكرار هذه الهلاوس للمرّة الثالثة، أصبح يعتبر أنّ الحياة بلا جدوى؛ ما دامت مشاهدها تبدأ بفقدان عزيز، لتنتهي باغتصاب حبيبة لا يملك القدرة على إنقاذها. نفس القهر يتكرر بلا نهاية، في خلفيّات لا يتغير منها إلا أماكنها وطقوسها وناسها في كل حين؛ وكل ذلك لتبقى الحوادث -دائما- مشحونة بالقدر اللازم من الفجيعة وهول اللحظة الآنية. البشر والأرض والأيام والليالي ولا تنسوا المذاقات أيضا، كلها مسامير متخلخلة لينة تثبّت الورقة الرخوة على الجدار الهشّ، لذلك قرّر التخلي عنها جميعاً، كسر ماسورة المغسلة التي تربطه وتعيق حركته، ومضى ركضاً إلى الجسر المعلّق على وادي لبن، ونفّذ قراره فورا، فألقى بنفسه، وطوال لحظة السقوط ظلّت عيناه معلّقتين بأعمدة الجسر المتألقة مثل خيوط خيمة فضيّة تتدلّى من السحاب.انتهى السرد.

Thursday, November 18, 2004

مجلة الجندول

العدد 14 السنة الثانية تشرين الثاني 2004
في هذا العدد
افتتاحية العدد: بقلم رئيس التحرير
بحوث ودراسات
اشكالية نقل النص الفلسفي الغربي الى العربية ....................... د. حسن مجيد العبيدي / الجامعة المستنصرية
الرؤيــا الأستشراقية التاريخية في الشعر العربي المعاصر......... د. ســلام كاظم الاوســي / جامعة القادسية
محـور العــدد - العراق اليوم
العـراق و مقولة الكاريزما .............. حميـــد الهاشمي / باحث انثروبولوجي مقيم في هولندا
بين هابرماوس و جاك دريدا ............... عباس الحسيني / شاعر و قاص مقيم في امريكا
السكت الأيديو لوجي ......................................... يوسف أسكندر / جامعة القادسية
فضـــــــا ءات
بـــلاغة الكتابـــة ............................................ عباس أميــر / جامعة القادسية
كتاب سيبوية و علم اللغة المعاصر ......................... د. حسين علوان / جامعة بغداد
حــــــــــــــوار
حوار مع الشاعرة الليبية سميرة ......................... حاورها عبد الله المقتي
أثـــــــــــــار
قصة حضارة العراق ........... أ .د أكرم محمد كسار / جامعة روتردام
نصوص محققه
·
شعر أبي فرعون الساسي ...................... عباس الجراخ / باحث و محقق / جامعة بابل
نصوص
مشنقة الأغــاني ............................... حــازم الصـافي / بابــل
رسائل من عالم الظل ........................... ترجمة مهدي النفري
أصــــدارات
· مجلــة علــوم أنسانيــة

Sunday, November 14, 2004

اللوح...............مهدي النفري

اللوح) إلى حسن بلاسم)
من ينقذني منك ؟
أيها الظل
المتربص بي في كل الأماكن
وأينما حلت لي قدم
-2-
هات يديك
وتركني
انتظر
-3-
ماذا لو بلغت روحك؟
ماذا لو سقطت السحابة داخل أفواهنا؟
هل ستمطر ألسنتنا؟
هل نروي عطش صحراءنا؟
ماذا لو؟
-4-
لااحد
الضوء
وحده
والحيطان
ثمة حلم يطفئ’ شمعته
-5-
لااحد
مرآة تجلس
داخل الصمت
من يخرج الوجوه من الذاكرة؟
-6-
ثمة لاشيء
دائم الحضور
ثمة شيء
دائم الغياب
-7-
أنا واللاشيء
يجمعنا
كل شيء
-8-

Saturday, November 13, 2004

قصص قصيرة...الكاتب عبدالله المتقي

قصص قصيرة جدا

رائحة


الغرفة شاحبة ...
الصمت مقلق ...
والرائحة نتنة ، وقليلة جدا ...
كان متكورا فوق السرير ، وكان يستشعر قرحة النتانة ...
ضوء الغرفة اصفر ناصع الآن ...
الرائحة تكتسح الغرفة ...
لم يجمع وقفته ، لم يتفقد فم المرحاض ، ولاقمامة الأزبال بحثا عن مصدر الرائحة ...
فقط ،،،
كان يعرف أنها بداخله ، وتتسرب عبر مسامه إلى الخارج


جدي الأمرد


جدي الذي تنبت له لحية بيضاء وطويلة كبابا نويل ، كان دوما يلسعني من شحمة أذني مؤنبا ، حين يلقي علي القبض أصفع المسمار بالمطرقة.
مساء ، يؤوب إلى البيت ، يتوجه صوب المطبخ ، ويرفع صوته المبحوح :
" هذا العفريت النفريت.. جده مطرقة ..أبوه مسمار .. وسيظل خشبة

باخوس


يجلس الأن تحت سنديانة عجوز ، برفقة قنينة نبيذ ، وعلبة سجائر رخيصة ، بعيدا عن أعين النهاريين .
فجأة ،،ظهر الشيطان بلحيته القذرة ، بصق على وجه ( باخوس ) .. أشبع بطنه الذي يحمل الحرام رفسا ، أفرغ ماتبقى في القنينة على قننته ، ثم اختفى كما يختفي الأبالسة



توم وجيري

(توم ) يبحث عن ( جيري ) بالريق الناشف ، ولما لم يجده ، شرع في تكسير أواني المطبخ
أقبلت الخادمة بسيقانها البدينة والسوداء ، وأمسكت ( جيري ) من أذنيه ، لوحت به كثيرا ، ثم قذفته بيمناها السمينة ، فقط ، كاد ( توم ) يستلقي على قفاه ، و..انقطع البث ، وتمرغ الطفل كثيييرا بالقرب من التلفاز

* عبدالله المتقي /المغرب

Friday, November 12, 2004

نصوصُ الخارجِ عن متنه للشاعر العراقي سعد جاسمِ



1- اللهُ صديقي

أَنا الوحيدُ
الذي ربَّما :
لايموتُ .....
هكذا أَتوَّهمُ
أَو أُوهِمُ
لأَنَّ اللهَ صديقي .

* * * *

ياأَيها المطلقْ
افتحْ ليَ المغلقْ
لأَعرفَ المجهولْ
والقاتلَ المقتولْ
في زمني الأَحمقْ .

* * * *

ياالمطلقُ
لاتخذلْ
طفلكَ الأَرضيَ
لاتخذلْني ........
- جلجامشُ أَوهمَ نفسَهُ
أَوهَمَنا ..............
وضاعَ الجوهرُ
في قلبِ الأَفعى -

* * * *

يالمطلقُ
هَلْ فكَّرتَ
بشعبي وطريقي
حتى..............
تبقى صديقي ؟

2- حياتي وأَنا حرٌّ فيها .

الآنَ ...............
أَو..................
ربَّتما غداً.........
أَو .................
ربَّما ..............
في ذلكَ ( الغدِ القديمِ )
أَكونُ قد فكَّرتُ
أَو قررتُ
أَنْ تكونَ
حياتيَ هذي
فردوسيَ الشخصي
وربَّتما ..............
ج
ح
ي
م
ي .

3- أَعطني كتابي

هذا أَنا ....
طفلٌ لعينٌ .... نافرٌ
يستافُ من روحِ الشرابِ
هذا أَنا .........
الشاعرُ الكونيُّ
في هذا الوجودِ
المُرِّ..........
في هذا الخرابِ
هذا أَنا .......
أَمضي عميقاً في الترابِ
حتى أَفضَّ بكارةَ الأَشياءِ
والحيواتِ...............
وأُعيدُ للخلقِ الحزينِ
بهاءَهُ ..............
وأُعيدُ للأَعلى
كتابَ اللهِ
عَلَّ اللهَ
يُعطيني كتابي .

4 - كينونة .

ضَيِّقٌ أَيَّها الوزنُ
ضَيِّقةٌ أَيتُها القافيهْ
لكنَّها الروحُ
موزونةٌ .....
هذا الصباحْ
ولها كينونةُ :
اللهِ
والضوءِ
والنهرِ
وصعلكةِ الرياحْ .

* شاعر عراقي يعيش في كندا .
saadjasim1@hotmail.com




Monday, November 08, 2004

اسئلة النقد العراقي ...بقلم الشاعر سعد جاسم

أَسئلة النقد العراقي الراهن
• سعد جاسم
07 Nov 2004

-
هكذا أَبدأُ أسئلتي :* لاأدري كيف يفهمُ ( البعض ) النقدَ ؟* هل هو عملية ابداعية تقوم على التحليل والتأويل والتشخيص والأستقراء الدقيق لمستويات الاعمال الابداعية بمختلف انماطها ومذاهبها وتياراتها ؟أَمْ هوَ كمٌ وركام من الكتابات الشخصية التي تسعى الى المُحاباة والاخوانيات ؛ وكذلكَ المصادرة والالغاء والتشهير والانتقاص من الأعمال الابداعية ومنتجيها ؟ان الذي دعاني الى طرح هذه الأسئلة والتي سأضيفُ لها أسئلة أُخرى تنتصب علاماتها الاستفهامية في أَعماقي وفي اعماق الكثير من الادباء العراقيين الحقيقيين .قلتُ : ان الذي دعاني الى هذا الطرح هو واقع النقد العراقي الراهن ؛ هذا الواقع الذي - لما هو عليه الآن -يدعونا كمنتجين للنصوص الشعرية والقصصية والروائية ؛ الى طرح المزيد من الأسئلة العملية والاشكالوية على المشتغلين والمتخصصين في هذا الحقل او الجنس الادبي الذي أَصبح واحداً من الأجناس الادبية والمعرفية الأساسية في الثقافات الكونية المعاصرة .ومن الأسئلة التي نريد طرحها الآن :* الى متى يبقى النقد العراقي الراهن نقداً تابعاً وليس اساسياً أو محايثاً أو متماهياً أو متماثلاً أو متشاكلاً مع الأجناس الأبداعية الأُخرى ؟ * الى متى سيبقى مايسمى بالنقد لدينا؛ نقدأ صحافياً واعلامياً خاضعاً لأشتراطات ومطاليب الحاجة الصحافية والاعلامية الاستهلاكية ؟* الى متى سيظلُّ نقدنا منشغلاً بشرح مضامين النصوص الابداعية شرحاً ( حكواتياً وقصخونياً ) ؟ * متى سيتخلص ( البعض ) من نقادنا من ( الكلائش ) الانشائية والخواطر الأخوانية التي يدبجونها متوهمين انهم يقدمون قراءات نقدية لايماثلها نقد الأقدمين ولانقد المستقبليين والرائين ؟* متى ستتخلص أو بالأحرى : كيف تتخلص النقدية العراقية من الطارئين الذين ينصّبونَ أنفسهم ليكونوا ( نقاداً ) في حركة الثقافة العراقية ؟* هل ستبقى بعض الشخصيات النقدية المعروفة بمنجزها النقدي وتاريخها الادبي الرصين ؛ متلذذةبالتفرج القصدي على ذهب الصمت وساكتة ازاء النتاج الادبي العراقي الردئ منه والابداعي والمكتنز والمتألق رغم مخالب الطغيان والقسوة والحروب والحصارات السود والاحتلالات والخرابات التي تعرضنا لها في العقودالثلاثة الاخيرة من تاريخ العراق الحديث ؟* متى يتخلص ( البعض ) من نقادنا من الجاهزية والاستيرادية مع احترامنا واهتمامنا العاليين بالثقافات والحوارات الحضارية مع الآخر في مختلف بلدان العالم ؟ ونعني بهذا التساؤل : ان هذا ( البعض ) من النقاد أَصبح يفصّل ماكتبه النقاد الغربيون والمغاربة عن ( بورخس ) يفصلونه على مقاس ( محمد خضير ) . وماكُتبَ عن ( جاك بريفير أو يانيس ريتسوس ) يفصله نقادنا على نصوص سعد يوسفوماكُتبَ عن(غابريل غاريسيا ماركيز) يفصلونه على مقاس (عبد الخالق الركابي وماكُتبَ عن ( آيريس مردوخ ) يُفَصّل على مقاس ( لطفية الدليمي ) وماكُتب عن ( لوركا ) يفصلونه على شعر ( كزار حنتوش ) . أو يُشَبّهونَ جهلا أو اتهاماًنتاجات ( احمد خلف ) القصصية بنتاجات ( ارسكين كالدويل ) ويشبهون قصائد ( عبد القادر الجنابي بنصوص( ترستان تزارا أو بريتون وربما جان كوكتو) .. وقصص ( عبد الستار ناصر ) يحيلون مرجعياتها الى النتاج القصصي ل ( دينو بوتزاتي ) . ويقارنون مسرحيات ( جليل القيسي ومحي الدين زنكنه ومحسن الرملي وقاسم مطرود وعلي عبد النبي الزيدي )بمسرحيات ( يوجين يونسكو أو ادوارد البي أو جون اوزبرون ) او يتهمون ( عقيل علي ) بالسطو على ( آرثور رامبو ) أويتهمون ( محمد النصار ) بانتحال نصوص (سان جون بيرس ) . ويشبهون نصوص ( محمد مظلوم ) بنصوص ( ادونيس ) ... وكذلك يتهمون ( علي السوداني وصلاح زنكنه )بتشابه نصوصهم القصصية مع نصوص ( زكريا تامر ) .وكذلك فأن نقادنا يهملون او يتماهلون ( عمداً ) تشخيص أوجه التناص بين نصوص ( حميد قاسم وعبد الزهرة زكي وعدنان الصائغ وعبد الرزاق الربيعي وكاظم الحجاج وكريم شغيدل وحسن النوابوجمال جاسم أمين ) .* متى سيشتغل نقادنا اشتغالاً نقدياً حقيقياً على النتاج الابداعي العراقي في داخله ومنفاه الذي انتجه المبدعونالعراقيون : ( فاضل العزاوي ؛ فوزي كريم ؛ نبيل ياسين ؛ عبد الرحمن طهمازي ؛ جليل حيدر ؛ عبد الكريم كاصد محمود عبد الوهاب ؛ كاظم جهاد ؛ جمعة اللامي ؛ نجم والي ؛ أسعد الجبوري؛ برهان الخطيب ؛ فؤاد التكرلي ؛كمال سبتي ؛ جاسم المطير ؛ فاضل السلطاني ؛ابراهيم احمد ؛زاهر الجيزاني ؛ نصيف الناصري ؛ سركون بولص ؛ صلاح عواد ؛ وسام هاشم ؛عالية ممدوح؛ فيصل عبد الحسن ؛ شاكر لعيبي؛ برهان شاوي ؛ شاكر الانباري؛ جمال جمعة؛حمزه الحسن ؛ جبار ياسين؛ مهدي علي الراضي؛ عبد الحميد الصائح ؛عبد الرحمن الربيعي ؛ بتول الخضيري ؛ فرج ياسين؛ جاسم عاصي ؛ عواد ناصر؛ طارق حربي ؛ عبد الخالق كيطان ؛ فضل خلف جبر ؛ علي عبد الامير ؛ أديب كمال الدين ؛ خليل الاسدي ؛ جنان حلاوي ؛ زعيم الطائي ؛ سلام ابراهيم؛ سعيد جبار فرحان ؛ فاروق يوسف ؛ حميد العقابي ؛ فؤاد ميرزا ؛ الفريد سمعان ؛ غيلان ؛ جمال مصطفى ...كريم ناصر ؛ شعلان شريف ؛محمد الاحمد ؛ كريم الدريعي ؛ صلاح صلاح ؛ صادق زوره؛كاظم حسوني ؛ناظم مزهر؛حسن ناصر؛ ناصر مؤنس ؛ سلام عبود عبد الرحمن الماجدي ؛ فاضل الخياط ؛ موفق السواد ؛ ناجي رحيم؛ سليمان جوني عبد الهادي سعدون ؛ باسم الانصار ؛ جلال نعيم ؛ مهدي النفري ؛ كاظم الحلاق ؛ نعيم شريف ؛ سلام سرحان ؛ محمد علي الخفاجي ؛ محمد زمان ؛ حسب الله يحيى ؛فاتح عبد السلام؛ عمار المسعودي ؛ رعد زامل ؛ علاوي كاظم كشيش ؛سلام صادق ؛ دنيا ميخائيل ؛ طالب عبد العزيز ؛ عادل عبدالله ؛ عبد الستار البيضاني ؛ حميد المختار ؛ سعد هادي ؛ ناجح المعموري ؛ ابراهيم البهرزي ؛ عباس عبد جاسم ؛ شوقي كريم حسن ؛ طه حامد الشبيب ؛ وارد بدر السالم ؛محسن الخفاجي؛ علي الشلاه ؛ حكمت الحاج ؛عزيز التميمي ؛رعد فاضل ؛ محمد الحمراوي ؛ امل الجبوري ؛ بشار عبد الله ؛ خالد كاكي ؛ بلقيس حميد ؛هيثم بهنام بردى ؛ لؤي حمزه عباس؛هشام عبد الكريم قصي الخفاجي ؛ محمد سعداوي ؛ نزارعبد الستار ؛ حسن بلاسم ؛ حاكم موجد ؛ حسن عبد راضي ؛ علي حبش ؛ صفاء ذياب ؛ نجاة عبد الله ؛ سعد محمد رحيم؛ اديب ابو نوار ؛ فاضل القيسي ؛ خالد البابلي ؛ حسين السلطاني ؛ مازن المعموري ؛ عمر مجبل ؛ زهير بهنام بردى ؛ علي بدر ؛ عبد الكريم كاظم ؛ هادي الحسيني ؛رياض الغريب ومنى كريم آخر ثمرات الابداع العراقي الذي ينهض دائما كما الفينيق من رماد خرابه؟؟ والراحلون المبدعون: رعد عبد القادر وصاحب الشاهر ورياض ابراهيم وعبد الحسن الشذروآدم حاتم واسماء مبدعة اخرى ربما غابت عن الذاكرة في لحظة الكتابة هذه .. فعذرا لها ...نعود لنتساءل متى يمكن لنقادنا ان يقوموا بقراءة النتاج الابداعي لهذا الحشد الهائل من المبدعين العراقيين ؟ وقد اكتشفنا ان عدداً من نقادنا وعبر حوارات متعددة معهم ؛ ونعتقد ان هذا الامر يعتبر من أخطر الاشكاليات والاخطال التي وقعت فيها النقدية العراقية ؛ اكتشفنا ان هؤلاء النقاد لايميزون بين ( خالد المعالي وخالد جابر يوسف ... وبين صلاح فايق وصلاح حسن ... وبين باسم المرعبي وباسم حسن ... وبين عايد خصباك وعلي خصباك ... وبين عبد الخالق الركابي وهشام توفيق الركابي وبين سلمان داود محمد ومحفوظ داود سلمان ... ولايميزون بين سهام جبار وسهام محمد -رغم ان االاولى شاعرة مجتهدة ولها حضورها في الشعرية العراقية اما الثانية فهي مطربة الدرجة الثالثة ..وتصوروا ايضا ان ( البعض ) من نقادناً لايميزون بين ( موفق محمد وموفق شوكت - بالمناسبة مَنْ هوَ موفق شوكت ) .. وكذلك فانهم لايفرقون بين حسين علي يونس وركن الدين يونس ....وبين علوان حسين وحسين علوان وبين أجود مجبل ومجبل المالكي وبين حكيم الجراخ وعباس هاني الجراخ و أخيراً وليس آخرا فانهم لايميزون بين فرج الحطاب وفرج وهاب .وكذلك فان البعض من نقادنا لايعرفون هل ان ( جنان جاسم حلاوي وزيارة مهدي واستناد حداد ووجدان عبد العزيز ) هل هم ادباء ذكور أَم اناث ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وهكذا فإنَّ عدم التمييز قائم وغياب الرؤية والتجاهل المتعمد مستمر والكسل والتثاؤب والانشغال بقضايا ثانوية لايزال يهيمن ملياً على تفاصيل واقعنا النقدي العراقي سواءً في الداخل أو في الخارجوأعني هنا ( الواقع الراهن ) لا الواقع المضئ والمبدع الذي تقف وراء حضوره واشراقه مجموعةمن الشخصيات النقدية الرصينة التي ساهمت ولاتزال تساهم في خلق خطاب نقدي رؤيوي يقف بقوة بين خطابات النقد العربية .وأَخيرا نقول :لانتمنى لاسئلتنا هذه ان تبقى مجرد تساؤلات او صيحات او شهقات تنتصب علاماتها الاستفاهميةفي العراء .. بل هي بإنتظار الاجوبة التطبيقية التي تساهم مساهمة فاعلة وحقيقية للارتقاء إرتقاءً كلياً بواقع النقد العراقي الراهن وبالثقافة العراقية العريقة _______________اشارات نعتقدها مهمة _______________لقد قمت بكتابة هذا المقال قبل اكثر من ثمانية اعوام ؛ و كنت عندها في داخل العراق وقد حاولت نشره في الصحافة العراقية في الداخل ... الا ان جميع رؤساء تحرير الصحف اليومية والمجلات الادبية رفضوا نشره ... ويشهد على ذلك الصديق القاصعبد الستار البيضاني الذي كان مسؤولاً عن الصفحة الثقافية لجريدة العراق وقد كان قد دفع هذا المقال للنشر الا ان نصر الله الداوودي رئيس تحرير الجريدة قد آمر بعدم نشره لاسباب لم يعرفها الصديق البيضاني .. وكذلك فإن الاستاذ سامي الزبيدي حاول نشره في الصفحة الثقافية لجريدة الجمهورية البغدادية الا ان رئيس التحرير اوقف نشره ... وايضا رفض الشاعر سامي مهدي نشرهذا المقال بشهادة القاص حاتمحسن الذي كان مسؤولاً عن الصفحة الثقافية لجريدة الثورة ... اما يونس ناصر عبودالذي كان مسؤولاً عن الصفحة الثقافية لجريدة القادسية فقد كتب تقريراً عن المقال الى رئيس تحريرها هاني وهيب وقد حدث ان اطلع احد الاصدقاء على التقرير وفهم ان فحواه تشير الى ان هذا المقال يمجد ادباء المعارضة والمرتدين على القيادة الحكيمة ... وعلى ضوء ذلك اوصى وهيب بعدم نشر اي مادة لي في جريدته ....إزاء هذا الاقصاء المتعمد والديكتاتورية الثقافية ازددت اصرارا على ايصال اسئلتي للمتلقين ... ولذا فقد قمت بتقديم المقال في جلسة ادبية في اتحاد الادباء والكتاب في مدينة الحلة / بابل العظيمة ... وقد كان من ضمن المدعويين لهذهالجلسة الكاتب والناقد العراقي المثابر ناظم السعود ... وقد اعلن عن اعجابه بطروحات المقال وقد اخبرني بأنه سيكتب متابعة عنه في جريدة الثورة البغدادية وبالفعل قام السعود بكتابة متابعته عن تساؤلاتي هذه .. ونشرت في الثورة ..وقد انبرى لها الناقد باسم عبد الحميد حمودي مناقشاً ومعترضاً وحتى مسفهاًومن المفارقات العجيبة ان صدام حسين قام بتكريم الناقد حمودي بمبلغ مالي كبير في وقتها ... وقد حدث وبعد عدة ايام ان التقيت بحمودي في مركز الفنونالتشكلية في بغداد ... وتعمدت ان احاوره حول رده على مقالي هذا ... وبعد ان تجاذبنا الحديث بين اخذ ورد اباح لي حمودي بأن تساؤلاتي مهمة ومشروعة جدا و قد اتفق معي على ان نقادنا العراقيين ليسوا فقط مهملين وكسالى وعاطلين ..بل هم مرتشون ... وعندما هربت من الوطن الى الاردن اعدت كتابة هذا المقال وارسلته الى صحيفة الزمان اللندنية ... والغريب في الامر ان الشاعرة لينا الطيبي التي كانت وقتها مشرفة على الصفحات الثقافية في الزمان قامت بتحوير عنوان المقال الى (اسئلة النقد الراهن )... لماذا ... ؟ انا ادري بذريعتها على اساس ان الزمان صحيفة دولية ولاتروج للمحلية العراقية ... فقهقت - انذاك - عليها وعلى صاحب الزمان .وبعد سنوات من الترحال في منافي الله ... وقبل ايام وبمحض المصادفة عثرت على مقالي هذا ... وقد قمت بأعادة كتابته وها انا انشره كما يليق بمتنه الذي اتمنى ان يكون جديراً بالثقافة العراقية . شاعر عراقي يعيش في كندا saadjasim1 ....نشر النص في موقع عراقيون وايلاف@hotmail.com

طيور تكتشف اجنحتها

طيور تكتشف أجنحتها*
مهدي ألنفري**
.....................................
مرة أخرى
وحيدا
مرة أخرى يداهمني النسيان
ذلك النسيان الذي وددت اليوم أن انثره على الشاطئ
بكل أشكاله
أفقيا
أو عموديا
...................
استمع لأصوات
تقذفها الروح
لاتتعدى مسامع أذني
أحاول المضي
اسحق اللاشيء
النهاية لااثر لها
لااحد يدلك أين نهاية هذا اللاشيء؟
لااحد يدلك
كيف لك أن تفرح
أو ترى الشمس بوضوح
مرة واحدة في حياتي
وددت أن أعانق تلك الضحكة والشمس
.............
مرة أخرى
وحيدا
والعالم كما هو
من حيث بدأت
أعود كالدائرة
.....................
رغبة تجتاحني
أن اخلق عالما أخر غير هذا العالم
عالم أجد فيه الضحكة مرسومة على كل الوجوه
لكن الرغبة ليست سوى صورة مزورة للواقع
وماانا سوى الأخر
الخوف
والأمان
الضحكة
والحزن
هي جزء منا
هي كاسماءنا
جزء من قدرنا الذي لم نختاره
...............................
-2-
بدون مرشد
سقطنا هذه الليلة
في الظلام
مرشدنا
الوحيد
الظل
................
لاتسرع
اذا كان بمقدورك أن تكون أسرع من الصوت
لاتسرع
عليك ان تسمع لي هذه الليلة
فالضفادع لاتطلق اصواتها
جزافا
اسمع لرحلة الموج
يدلك عليها البحر
لحفيف اوراق الشجر
تدلك عليها الريح
للمطر
يدلك عليه السحاب
لاتسرع
اجمع الصبر واحنفظ به في راحة يديك
واذا فكرت يوما ان نجرب النسيان
أطلق راحة يديك
لترى كيف تطير أحلامك بسرعة
...........................................
قصائد كتبتها بالهولندية وقرأت في أسبوع الشعر منتصف عام 2003
** شاعر عراقي مقيم في هولندا

Tuesday, November 02, 2004

حرام عليك

حرامٌ عليكِ

لماذا تغيبينَ مثلَ النجومْ
وراءَ المحيطاتِ تنأيْنَ عني
وراءَ الغيومْ
وأبقى الى الصبح ِ أرنو اليكِ
أ هذا الذي أشكوهُ دوما ً اليكِ
طويلا ً يدومْ ؟
حرامٌ عليكِ
لماذا تطيرينَ بي عاليا ً في الفضاءْ؟
و تـُلقينني مثلَ حبــّـاتِ ماءْ
بوجهِ الرياح ِ ووجهِ السماءْ
تـَـلاقـَفـَني الريحُ حدّ َ المحيطاتْ
إذ لا قرارْ
فياربِّ هبني قرارا ً وزدني ثباتْ
و إذ لا شعورْ
من النجمةِ الضوءُ ينهالُ حولي
فأمتدّ ُ من قطرةٍ فرّقـَـتـْـها الرياحْ
و منْ ذرّةٍ في ثلاثينَ لونا ً تدورْ
الى عالم ٍ من بحارْ
أ بَعْدَ انهيارِ القِوى في النهارْ ؟
وبعد انعِكاساتِ روحي على حا لِها
توقـّعتُ من موعدي لا يفوتْ
و من حُبِّنا لا يموتْ
ولكنْ
قطعتِ الرّجاءَ الذي
كانَ لي بعضَ قوتْ
و قد كِدْتُ من بعْدِ عيْنيكِ أمضي لِحَتـْفي
وحزنا ً أموتْ
على قِبْـلةٍ من هيامي اليكِ
على لمسةٍ من يديكِ
حرامٌ عليكِ
تحومينَ حولي
الى حدِّ أني تفرّقتُ حولي
تحومينَ حتى على كِلـْـمَـةٍ قلتـُها
الى حدِّ أني
لقد صرتُ أخشاكِ أنْ تخرُجي في كلامي
اذا قلتُ قـَوْ لي
تحومينَ في عالم ِ النوم ِ حولي
فلنْ نلتقي
ويشتدّ ُ خوفي ويزدادُ هولي
لقد
ربما
كلما قلتُ أهواكِ
تمضينَ عني بعيدا ً لكي لا أراكِ
لكي تدفعيني الى الانحِدارْ
فلا ضوءَ .. لا صوتَ إلا متى يا مسارْ؟
يعودُ لنا الضوءُ
لن أطمعَ الانَ أنْ أسترِدّ النهارْ
شرِبْـنا كثيرا ً من الضوءِ
حتى بدأنا نرى الشئَ عشرينَ شيئا
بدأنا نرى من وراءِ الخـُرافاتِ سبعينَ
ظِلاً
وسبعينَ فـَيْـئا
فضاعتْ علينا الحقيقه
وما عادَ يعرِفُ شخصٌ
عدُوّاً
ولا عادَ يعرِفُ شخصٌ صديقـَه
طفِقـْـنا من الغيم ِ نبني القصورَ
ونهدِمُ كلّ َ البيوتِ العريقه
طفِقـْـنا نـُقـَسِّـمُ أجسادَنا فريقا ً
فريقاً
و يعبدُ كلّ ٌ فريقـَه
ذهَبْـنا بعيداً الى حدِّ أنـّـا
فقدْنا الحقيقه
لماذا ؟
لماذا؟
لماذا؟
وقد كنتِ انتِ الحقيقه
لماذا تحلّ ُ الأباطيلُ تركيبتي ؟
فلم تعرِفي مَنْ أنا
لماذا تـُريدينَ أنْ ترحلي مِنْ هنا؟
لماذاتجُرّينَ خيطا ً رقيقْ؟
كأني ولا كنتُ يوماً حبيباً
ولا كنتُ يوماً صديقْ
أ سَهْـلٌ عليكِ؟
تقـُصّينَ من ناظري ناظِريْـكِ
حرامٌ عليكِ
أنا كلّ َ يوم ٍ أقابلُ وهماً
وأشكو إليهْ
أنا لم أقل كذبة ً في حياتي
أنا مَنْ جنى صِدقـُهُ
ثلاثينَ عاماً عليهْ
أنا كلّ َ يوم ٍ أرى نجمة ً عاريه
أحاطَ بها البردُ والثلجُ حتى بدتْ
كالجحيمْ
تـُحاولُ حرقَ المداراتِ كي تـُصبـِحَ
العاليهْ
أنا أكثرُ الناس ِ حزناً لأني وبعدَ انتظارٍ
طويلْ
وبعدَ المنى الماضيهْ
وجدتُ الجنائنَ لا شئَ إلا حجاراتِ قارٍ
وأكوامَ رمل ٍ ومزرعَة ً خاويهْ
أنا أتعسُ الناس ِ حيثُ الحياة ُ بما تحتوي
غرفة ٌ خاليهْ
فهل تستحِق ّ ُ التنافرَ فيها؟
وهل تستحقُّ افتراءً ولوناً كريها؟
و هل تستحقُّ النفاقْ؟
و هل تستحقُّ التولي بعيداً
الى حدِّ ننسى العراقْ؟
و هلْ مُسْـتـَـحِقّ ٌ أنا منكِ هذا
الفراقْ؟
و هل يستحقُّ الحبيبُ الذي ماتَ حُبّاً
وماتَ احتراساً
وماتَ اشْـتياقْ
كلَّ هذا الفراقْ؟
نعمْ تستحِقينَ مني دموعي
و تستأهلينَ ارتِجافاتِ قلبي التي كسّرَتْ لي
ضلوعي
و تستأهِلينَ أهواكِ حتى مماتي وحتى رجوعي
نعم تستحقينَ أنْ اسهرَ الليلَ إياكِ مثلَ
القمرْ
نعم تستحقينَ مني دموعي
الى حدِّ فقدِ البصرْ
أ لستِ الحبيبهْ؟
نعم تستحقّينَ أنْ أُشْعِلَ الليلَ كي تعرِفي أينَ أنتِ
وكي تهتدي
فلا تحملينَ حسابَ الدهرْ
نعم تستحقينَ مني الكثيرْ
وتستأهلينَ الكثيرَ الكثيرْ
تقولينَ لي قد تسَرّعتَ جداّ
كأنكِ لا تعرفينَ المصيرْ
تقولينَ لي قد تسرّعتَ جداّ
كأنكِ لا تعرفينَ الليالي
ولا تعرفينَ التحدّي الكبيرْ
تقولينَ لي قد تسرّعتَ جداّ
كأنكِ لا تعرفينَ الحياةَ .. القطارْ
و مشوارُهُ ما طالَ جداّ قصيرْ
أنا لستُ أحتاجُ منكِ الكثيرْ
فلا تغضبي
أ ُريدُكِ شمساً تظلـّينَ فوقي ولن تغرُبي
وعصفورة ًأزرعُ الأرضَ قمحاً و زهراً
لكي تأكليها و كي تلعبي
ومصباحَ زيتٍ تـُضيئينَ ليلي ولن تتعبي
أنا لم أقلْ كِذبة ً في حياتي
فلا تكـْذِبي
لأني أرى مركِباً جاءَ يُقصيكِ مِنْ
مَركِبي
وقافلة ُ العمْرِ دارتْ كثيراً على مِـحْوَرَيْـكِ
حرامٌ عليك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8-10-2004لندن
............................................
وحيد خيون

ترانيم الموت العراقي

أصبح الموت رفيقي
أينما أذهب ...
القاه دوما في طريقي
عراقيٌ أنا .....
ولدت ميتا كي أموت مرة أخرى
أحمل في يدي كيس رفاتي
وفي اليد الأخرى شهادة وفاتي
سأموت وحيدا أو مع رفاقي
أينما أذهب أجدُ الموتَ أمامي !!
في الشارع
في المدرسة
في فنايا البيت... وفي الرواق ِ
في المقهى
في النادي
في البساتين والحدائق
في كل الزوايا وكل زقاق ِ
ولكن ... رغم تفجيري
ورغم قتلي وتهجيري
ورغم تطهير عِرقي
ورغم أحتراقي
فأنا باق ِ
نعم.... نعم.... أنا باق ِ
أنا كل نخيل بلادي
أنا كل تراب العراق
أنا حجر على الجبال
أنا زهرة ٌ في الأحداق ِ
أنا قطرة ماء تجري في السواقي
أنا غمامة ٌ تسيرُ في الأفاق ِ
نعم.. نعم.. أنا.. أنا الأنسان العراقي
عظامي تملأ ُالأرض َ
دمائي تسيل بكل الأرجاء
مقابر جماعية
تفجيرات عاشوراء
أعداماتْ
سجونْ
تفجير القلوبْ
فرم الأجسادْ
قلع العيونْ
وشم الجبينْ
قطع اللسانْ
قطع الأذنْ
قطع اليدينْ
أو حتى بقطع الأعناق ِ
نعم ... نعم أنا باق ِ
رغم براغيث العروبية
رغم فتاوى وآيات النفاق
رغم صراصير الليل
رغم عطوان والمسفر وفحيح الرفاق ِ
رغم كل كذاب وعاق ِ
رغم كل لئيم وأفـَاق
رغم لصوص المقابر والسُرّاق ِ
أنا باق ِ .... أنا باق ِ
نعم ... أنا الإنسان العراقي
رغم آهات أمي
ودموع جدتي
ولوعاتُ أبي
وحسراتُ جدي
وبكاءُ أختي الصغيرة
وصراخ صديقيِ
ورغم إشتياقي
ورغم عذابات الفراق ِ
أنا باق ِ .... نعم ... أنا باق ِ
أنا من خط البردى
أنا من سن القوانين
أنا من بنى الجنائن
أنا أول إنسان
أنا من حكم نصف العالم
أنا مركز الكرة الأرضية
أنا قلب الدنيا
أنا حضن الأنبياء
أنا منائر وقببٌ ذهبية
أنا من كنت في ميادين العلم سبّاق ِ
أنا باق ِ ... نعم أنا باقِ ِ
ستنجب أمي ألف متنبي
وسيولد ألف فرزدق
وسنبني ألف ملوية
وسنكتب آلاف الكيلومترات
وسنملأ كل الأوراق ِ
وسنغني للفراشات ولكل العشاق ِ
وغدا ً يوم ٌ جديد
غدا ً يوم التلاقي
نعم ... نعم ... أنا باق ِ ... أنا باق ِ
أنا الإنسان العراقي


شاكر جاووش
kshsk@hotmail.com