كريـم عـبـد
مدن وايام ....واشياء كثيرة اخرى
في تلك البساتين الوديعة.. هناك: تتكون شمس العراق من وجوه الفلاحين وخرير السواقي ولهفة العصافير الكثيرة. شمس العراق التي تحملها الفراشات حزينةً إلى هارون الرشيد أو سواه من الحكام الذين لم أستطع أن أحبهم رغم كل ما كتبه المؤرخون.. فشمس العراق ما زالت جريحةً منذ آلاف السنين، هذا ما فهمته في المدرسة منذ الصغر، فهمته من عيون المعلم الذي قتله (الحرس القومي) في 1963 وسط ساحة المدرسة حين كانت أصواتنا تتلعثم بالنشيد الوطني وأسم الرئيس الجديد. هذا ما فهمته منذ الصغر وما زلت أفكر به مذهولاً بعد كل تلك الدهور.. حتى بدا لي المتنبي بائساً جداً وهو يمدح نفسه ويفرح للمعارك وصليل السيوف ويمدح الأمراء الذين أراد أن يكون واحداً منهم دون جدوى!! نادباً حظه العاثر لقلة الجوائز والمهرجانات، تماماً كما يفعل الكثيرون هذه الأيام .. فلا أحد يتحدث عما فعله بهم الجلاوزة والشياطين!! لا أحد يفكر بما سيكون عليه الوضع في بلاده غداً، أو ما حلَّ بلبنان من كوارث على سبيل المثال!!. لم يعد أحد يتذكر تلك المرأة التي كانت تعمل في جريدة (السفير) ببيروت، حيث قتلت المسكينة نفسها، لأن حزباً يمينياً اختطف ولدها وهو في الثانية عشرة ولم يستطع أحد أن يعيده إليها.. قتلتْ الأمُ نفسها حين عرفتْ بأنهم قتلوه. أما نحن في مشرق الأرض العربية ومغربها فقد قرأنا رسائلها الحزينة التي نشرتها الجريدة بعد الانتحار. أصابنا الحزن والذهول لأيام قليلة، لكننا نسينا ذلك بسهولة، وربما لم يعد أحد يتذكرها الآن!!. لكنني لم أستطع الصمت. ما زلت أتذكر هذه الفاجعة بين وقت وآخر، فأهذي وحدي كمجنون. لا أترك صالحاً أو طالحاً دون أن أُنزل عليه لعناتي، ويبدو إنني قد تحدثت عن الأمر مراراً أمام الآخرين دون أن أنتبه، وآخر مرة تحدثت عن تلك المأساة في (مقهى الروضة) بدمشق، فما كان من أحدهم، وهو سوري سفيه، إلا ونهرني قائلاً: (لقد دوختنا يا أخي بهذه الحكاية، هناك آلاف الناس يموتون في هذا العالم ولا أحد يتحدث عنهم!! بعدين تعال لقلك نحنا شو دخلنا؟ وشو فينا نعمل يعني.. ها؟) لقد أراد ذلك التافه أن يبدو منطقياً أمام الآخرين، لكنني لم أحتمل تلك السفاهة فرشقته بماء الكأس الذي في يدي، فولى هارباً مذعوراً مبتلاً نافضاً الماء عن قميصه وهو يزبد ويرعد شاتماً العراقيين على غلاظتهم وتصرفاتهم الغريبة!! الأمر الذي أحرجني كثيراً، ليس مما قاله ذلك السفيه لأنه لا يملك سوى أن يقول ما قال، بل من النادل الذي تصور أنني سكران، فهو رجل مؤدب يأخذني على محمل الجد دائماً. كثيراً ما سمعته يتأفف من تصرفات الزبائن وطلباتهم التي لا تنتهي. وفي غمرة هذا الإحراج اربكني الحضور المفاجئ للصديقين ناظم مهنا وجهاد سعد وهما أحسن أثنين بدمشق بالإضافة لأصدقاء آخرين... المهم، لم أخبر جهاد وناظم بما حدث لي مع ذلك السفيه، لكنني حدثتهما عن تلك المرأة اللبنانية ومأساتها، وكنتُ موشكاً على البكاء بل على الصراخ من هذا العالم المجنون الذي لم يعد فيه أحد يفهم أحداً، أو يرضى بالاستماع لمأساته في الأقل!!. ألم يكن من حقها، تلك المرأة المسكينة، أن تلعننا جميعاً، نحن الكتّاب والشعراء، قبل أن تقتل نفسها؟! أليست لا أباليتنا وتغافلنا عن الجرائم يشجع المجرمين على التلاعب بمصائر الناس بل وقتلهم سواء في لبنان أو الجزائر أو فلسطين أو العراق أو سوريا أو أي مكان آخر في هذا العالم الرديء؟! لقد قتلوا ولدها الصغير دون ذنب.. ودون أن يعرف المسكين هو أيضاً لماذا كانوا يطلقون عليه النار!! ربما لم يكن يصدّق ذلك فركض بدمائه النازفة هارباً لا يعرف إلى أين!! لقد تلطخ تاريخنا كله بدمائه البريئة، لكن أحداً لا يشعر بذلك، فالتاريخ والضمائر والكلمات كلها مصابة بخدر عجيب. لقد أصبحت بضائع معروضة في سوق النخاسة!! فالجميع تقريباً سادرون في الكذب والسرقات والنذالة إلى جانب الادعاءات الثورية والبطولات الفارغة!!. لقد قتلت الأم نفسها لأنهم قتلوه، قتلوا حلمها الصغير.. قتلوا الدنيا في قلبها الحزين، فحدث أن فقدت القدرة على المحبة أو الكراهية أو الصمت أو الصراخ، ولم يعد لأي شيء معنى أو جدوى إزاء حالة القهر التي هيمنت عليها. لذلك يقتل الناس أنفسهم. إنني حقا أخاف أن تجتاحني وتسيطر على مشاعري حالة كهذه، فقد أعدموا الكثيرين من أصدقائي في العراق، وقد شهدت القتل والخراب الرهيب خلال اجتياح الإسرائيليين للبنان في1982وماتت أمي في العام الماضي دون أن أراها منذ عشرين سنة، ومات بعض أعز أصدقائي: حازم الصمياني وعلي كلف أعدموهما في طرف مدينة الديوانية، والحاج إسماعيل الرجل الطيب صاحب المقهى الكبيرة قرب الجسر الذي اختلّت مشاعره هو أيضاً بعدما قُتل أبنه في الحرب مع إيران، ففقد القدرة على النوم وصار يهيم على وجهه في آخر الليل حتى وجدوه ذات يوم طافياً في نهر الفرات..، ورياض إبراهيم لقد مات هو أيضاً، مات بينما كان يحاول الهروب من العراق هو وعائلته. حدث ذلك في المدينة الحدودية (زاخو) قبل سنتين بعد أن تلفن لي قبل موته بأيام حيث ضحكنا كثيراً وتشاتمنا واتفقنا أن نلتقي بدمشق. لكنني لم أصدق ما حدث لحد الآن. لم أصدق بأنه مات بنوبة قلبية. ولا يمكنني تصديق ذلك أبداً، فحتى لو تغيرت الأمور وعدنا إلى العراق، فأي عذاب فاحش سيكون حين لا أجد أمي هناك ولن يكون بوسعي أن أرى حازم الصمياني أو علي كلف أو هاشم لفته وهاشم حسين والكثير من الأصدقاء الآخرين الذين أعدمتهم السلطة، وفوق كل هذا سوف لن يكون بوسعي أن أرى رياض إبراهيم وأسمع ضحكاته المجلجلة ونكاته العجيبة حول أيام (الجبهة الوطنية) ومفارقات البعثيين والشيوعيين في البصرة!!. لقد لاحظ جهاد وناظم ارتباكي وأنا أحدثهم عن مأساة المرأة اللبنانية، لكنني غيرت الموضوع سريعاً، فالحياة حقاً لا تستحق كل هذه الهموم القاتلة، وإلا فأننا جميعاً سوف نقتل أنفسنا أو نجن، نحن الشرفاء والطيبين، وإذا فعلنا ذلك حقاً، فلن يبقى في البلاد العربية سوى الأنذال والسفلة،.. فتصوروا أية بلاد بائسة ستكون!! ثم لماذا نقهر أنفسنا إلى هذا الحد في هذه المقاهي التي تضج بالحثالات وشرطة الأمن والسفهاء؟. وحين نلتفت يميناً وشمالاً لا نجد من هو مهتم بما يجري حقاً، وكأن كل هذا يحدث في المريخ!! خذ الشعراء العرب الذين يدّعون بأنهم ضمير الأمة، لا أحد يتحدث عن حقيقة ما يجري في بلاده!! بل إن بعضهم لا يتوانى عن مديح أنظمة فاشية!! لا يفكرون إلا بالمهرجانات والجوائز وبمن سيكتب مقالاً عن قصائدهم التي لا طائل من ورائها، لقد أصابتهم لوثة الجوائز والمهرجانات، يسرحون ويمرحون في فنادق الدرجة الأولى باعتبارهم عباقرة، دون أن يعوا بأن وزراء الإعلام يضحكون على عقولهم ويستعملونهم للدعاية ويضحكون من قصائدهم وتصريحاتهم الفارغة في المقابلات التلفزيونية! يسرحون ويمرحون في فنادق الدرجة الأولى متبجحين بمغامراتهم الغرامية، والحقيقة أن أحسن واحد فيهم لا يجرؤ على مغازلة موظفات الفندق، وإذا صادف أن شاهدوا زميلاً لهم يتحدث مع امرأة حتى لو كانت تسأله عن عنوان ما، فأنهم يحقدون عليه ويضايقونه دون أن يعرف هو لماذا!! وهذا يحدث كثيراً. ذكر لي أحدهم مرة أنه لاحظ كثرة المضايقات التي تأتيه من زملائه الأدباء دون سبب واضح، فحيره الأمر للوهلة الأولى، لكنه سرعان ما شعر ببهجة خفيّة لم يحدّث عنها أحداً كما قال. وحين سألته مستغرباً: ولكن لماذا البهجة ولماذا هي خفيّة يا عزيزي؟! ولماذا لم تخبر عنها أحد؟! أجابني: الحقيقة إنني فسرت الأمر أن دراسة نقدية نُشرت عن أعمالي في إحدى المجلات دون أن أراها لحد الآن، فهؤلاء الأوغاد حين يقرؤون مقالاً لصالحك لن يخبرك أحد!! أو إن أحدهم سمع بترشيحي لجائزة ما، فأشاع الخبر بين الآخرين الذين تناهبتهم الغيرة والأحقاد كالعادة كما تعرف. لذلك لم تعد تهمني المضايقات بعد أن توقعت السبب. لكنني لم أطق صبراً لكي أتأكد من حقيقة الأمر، فذهبت ذات ليلة لواحد من أكثرهم حقداً وفجاجة، شاعر ستيني معروف بنكاته البذيئة. لكنه يتشمم الأخبار ويعرف كل شاردة وواردة، وحين صارحته بحقيقة هواجسي، ألتفت إليَّ باستغراب واستخفاف وهو يقول: (أنت فعلاً تافه، ولك أنت جيرانك ما سامعين باسمك، ثم مين هالحمار البدو يرشحك لجائزة إسماعيل ياسين.. ها؟! أمشي قوم، قوم أغرب عن وجهي يلعن ساعتك،.. قال جائزة قال!!) وهكذا فقد شعرت بخيبة حقيقية لأنني تأكدت من طريقة كلامه بأن لا جائزة ولا من يحزنون، غير انه وقبل مغادرتي سألني بخبث: (هلق أنت شو بدك بالجوائز والحكي الفاضي، ها؟! بدي أسألك، من وين لك هالصبية الحلوة التجي معك على الكازينو هالأيام، ها؟!) عندها انتابني الذكاء دفعةً واحدة ولأول مرة في حياتي ربما، إذ أدركت للحظة خلفية المضايقات والأحقاد وسببها الحقيقي. فما كان مني، إلا أن أنفجر ضاحكاً وأنا أقول له: (هذه هي جائزتي يا أستاذ، جائزتي التي لا يستطيع أحد أن يحرمني منها، إنها حبيبتي الجديدة، أما أنتم فتعفنوا في هذه البارات البائسة مع خيالكم الرديء وقصائدكم الأكثر رداءة) فما كان منه إلا أن يختنق غيظاً ويخبطني بيده التعبانة على رأسي، الأمر الذي زادني سعادةً لأن الكذبة انطلت عليه. فالفتاة التي يقصدها كانت جميلة فعلاً، لكنها ابنة خالتي، وكان معها خطيبها الذي ذهب لشراء السجائر حين مر هذا البليد ورآني معها في الأسبوع الماضي. وقبل ذلك بأيام حدث وأن جلستْ معي مرتين أو ثلاث في الكازينو نفسها حيث يجلس بعض الأدباء هناك!! فتصوروا أن قصصاً عابرة من هذا النوع تأخذ أغلب أوقاتهم. إن أكثريتهم بائسة وبدون هموم حقيقية، لذلك تأتي قصائدهم وأحاديثهم مملة وسقيمة في الغالب، وبدون طعم.. ولذلك لا أحد منهم يفكر بالناس الذين تقتلهم ميليشيا الأحزاب أو الحكومات المسعورة، فهم يعتقدون بأنهم إذا تحدثوا عن الحقائق لن يدعوهم أحد إلى المهرجانات أو يطبع لهم كتباً في وزارات الثقافة والإعلام، وهكذا وصلوا إلى هذا المستوى الغريب مع الأسف!.. لقد تهاوى الضمير تقريباً، لا أحد يتحدث عن الحقائق أو يدافع عنها! إنني أكره بعض الأدباء أكثر من كراهيتي للبعوض، خاصة أولئك الذين يدافعون عن الطغاة ولا يهمهم سوى قبض الأموال من الحكومات الجائرة. أتمنى لو تغرق بهم سفينة وسط البحر ليظلوا يصرخون رعباً لعدة أيام حتى تنطفئ أروحهم عشرات المرات دون أن يسمعهم أحد إلى أن تنقذهم الصدف بأعجوبة،.. نعم يجب إنقاذهم في النهاية، لأنه ليس من العدل أن يموت هؤلاء الأوغاد قبل أن يعانوا المزيد من مثل هذه التجارب المريرة..
* * * * *
لقد قتلني الحزن مراراً وما زلت أضحك. فقد كنتُ أخرج من المعركة منتصراً في كل مرة. وليست لدي أية أرباح أو غنائم. ولا أملك سوى الرغبة بالتفرج على مهازل الحياة ومفارقاتـها العجيبة حقاً.. ولو لم أهرب من العراق قبل عشرين سنة لقتلوني أنا أيضاً، ولما كان بوسع أحد أن يسمع باسمي، فقد كنتُ أشتم البكر وصدام في مقاهي مدينة الديوانية علانيةً. كانت تلك حماسة الشباب التي لا تحسب للعواقب حساباً. لكنني بصراحة صرت أشعر بالخوف الآن كلما تذكرت تلك الأيام، فقد سمعت بأنهم أعدموا أناساً عديدين على قضايا أخف بكثير مما كنت أفعل وأقول.. لو لم أهرب لقتلوني حتماً، ولما استطعت أن أرى دمشق وبيروت ولندن وبروكسل وبودابست الجميلة، ولما تعرفت على نساء كثيرات أغدقت عليهن بمجوني في ليالٍ لا تنسى حقاً. ولما تعرفت على الكثير من الناس الرائعين أينما حللت، كالصديق السوري أبي بشار حيث عملنا سويةً في إحدى المجلات ببيروت وبسام أبو شريف الذي أدخلني (مستشفى المقاصد) في1980 عندما كنت محرراً في مجلة (الهدف) إذ أجريت لي عملية بسبب التدخين ولولاها لكان موتي محتملاً. لكن أين ماهر الفلسطيني الآن، ذلك الصديق الحميم وهو من الجبهة الشعبية أيضاً، الذي تعرفت عليه في بغداد، ووجدته في مخيم اليرموك حين وصلت دمشق هارباً من الجحيم في نيسان1979، كان ذكياً وعميقاً ومؤدباً على عكس بعض الذين وجدتـهم في (الهدف) وقتذاك، حيث سرق أحدهم شمسيتي في الأيام الأولى لعملي في(الهدف)، ولم أتفاجأ وقتها فقط، بل شعرت بإحراج غريب كما لو كنت أنا السارق! لذلك لم أحدّث أحداً عن الأمر مطلقاً ولا أعرف كيف طفر هذا الحادث إلى ذاكرتي الآن! إنـها مفارقات الحياة، لكن ومهما يكن من أمر، عليَّ أن أنسى، فالنسيان أفضل لراحة البال..لا أعرف ما الذي أعادني هذا الصباح للتفكير بكل هذه الأحزان وتذكر كل هؤلاء الناس؟! ربما هي قصيدة بسام حجار الحزينة التي صادفتها قبل قليل في عدد قديم من جريدة (الحياة) إنها حزينة فعلاً، وقد أعاقتني عن الخروج إلى الشوارع الندية في هذا الصباح اللندني الجميل.. لكن لماذا العودة للتفكير بهذه الذكريات دائماً؟! ثم مالي أنا ومال الأحزاب الفاشية والأدباء السيئون والدجالون. ليذهبوا جميعاً إلى الجحيم، فليس من الحكمة أن أبقى حزيناً هذا الصباح وأنا هنا في لندن وأمامي عشرات الحدائق الفسيحة والشوارع والأسواق، ولن يتسنى لأي وزير أو ضابط مخابرات أن يتمتع مثلي بكل هذه الأجواء الجميلة، ولا حتى الرؤساء والملوك وقادة الأحزاب الذين يتنقلون بحذر ومع حماية مشددة، أما الطغاة فهم قلقون دائماً ولا يعرفون متى ينقلب عليهم أعوانهم ويقتلونهم شر قتلة!.. ليذهبوا إلى الجحيم إذن، أما أنا فقد بدأت أشعر بشيء من البهجة الندية تدب في روحي وثيابي مع موسيقى قادمة من محطة(CLASSIC FM) وها هي تُعيدني إلى هناك، مبتلاً بمطر خفيف في مساءات بيروت العذبة مع النبيذ اللذيذ والسندويشات اللبنانية الطيبة، حيث أعود وحيداً إلى كورنيش المنارة، وحدي مع البحر الفسيح تجتاحني بهجة غامرة لم أفهم كنهها لحد الآن! ربما هي بساتين العراق وشمسه التي تُشرق في قصائد علي الشباني التي أردد أبياتها بين وقت وآخر، شمس العراق وبهجة السواقي وجذور الأعشاب وهمس البنات الجميل.. ربما هو التقاء روحينا الحزينتين، روح بيروت وروحي أنا.. بيروت التي يجب أن أعود إليها في نهاية المطاف، كعاشقٍ أخذته الغفلة والمشاغل لبعض الوقت، لكنه سيعود حتماً.. مبتهجاً وحزيناً ليشرق من جديد أمام تلك الأبواب المضيئة، أبواب بيروت التي لا مثيل لها
في تلك البساتين الوديعة.. هناك: تتكون شمس العراق من وجوه الفلاحين وخرير السواقي ولهفة العصافير الكثيرة. شمس العراق التي تحملها الفراشات حزينةً إلى هارون الرشيد أو سواه من الحكام الذين لم أستطع أن أحبهم رغم كل ما كتبه المؤرخون.. فشمس العراق ما زالت جريحةً منذ آلاف السنين، هذا ما فهمته في المدرسة منذ الصغر، فهمته من عيون المعلم الذي قتله (الحرس القومي) في 1963 وسط ساحة المدرسة حين كانت أصواتنا تتلعثم بالنشيد الوطني وأسم الرئيس الجديد. هذا ما فهمته منذ الصغر وما زلت أفكر به مذهولاً بعد كل تلك الدهور.. حتى بدا لي المتنبي بائساً جداً وهو يمدح نفسه ويفرح للمعارك وصليل السيوف ويمدح الأمراء الذين أراد أن يكون واحداً منهم دون جدوى!! نادباً حظه العاثر لقلة الجوائز والمهرجانات، تماماً كما يفعل الكثيرون هذه الأيام .. فلا أحد يتحدث عما فعله بهم الجلاوزة والشياطين!! لا أحد يفكر بما سيكون عليه الوضع في بلاده غداً، أو ما حلَّ بلبنان من كوارث على سبيل المثال!!. لم يعد أحد يتذكر تلك المرأة التي كانت تعمل في جريدة (السفير) ببيروت، حيث قتلت المسكينة نفسها، لأن حزباً يمينياً اختطف ولدها وهو في الثانية عشرة ولم يستطع أحد أن يعيده إليها.. قتلتْ الأمُ نفسها حين عرفتْ بأنهم قتلوه. أما نحن في مشرق الأرض العربية ومغربها فقد قرأنا رسائلها الحزينة التي نشرتها الجريدة بعد الانتحار. أصابنا الحزن والذهول لأيام قليلة، لكننا نسينا ذلك بسهولة، وربما لم يعد أحد يتذكرها الآن!!. لكنني لم أستطع الصمت. ما زلت أتذكر هذه الفاجعة بين وقت وآخر، فأهذي وحدي كمجنون. لا أترك صالحاً أو طالحاً دون أن أُنزل عليه لعناتي، ويبدو إنني قد تحدثت عن الأمر مراراً أمام الآخرين دون أن أنتبه، وآخر مرة تحدثت عن تلك المأساة في (مقهى الروضة) بدمشق، فما كان من أحدهم، وهو سوري سفيه، إلا ونهرني قائلاً: (لقد دوختنا يا أخي بهذه الحكاية، هناك آلاف الناس يموتون في هذا العالم ولا أحد يتحدث عنهم!! بعدين تعال لقلك نحنا شو دخلنا؟ وشو فينا نعمل يعني.. ها؟) لقد أراد ذلك التافه أن يبدو منطقياً أمام الآخرين، لكنني لم أحتمل تلك السفاهة فرشقته بماء الكأس الذي في يدي، فولى هارباً مذعوراً مبتلاً نافضاً الماء عن قميصه وهو يزبد ويرعد شاتماً العراقيين على غلاظتهم وتصرفاتهم الغريبة!! الأمر الذي أحرجني كثيراً، ليس مما قاله ذلك السفيه لأنه لا يملك سوى أن يقول ما قال، بل من النادل الذي تصور أنني سكران، فهو رجل مؤدب يأخذني على محمل الجد دائماً. كثيراً ما سمعته يتأفف من تصرفات الزبائن وطلباتهم التي لا تنتهي. وفي غمرة هذا الإحراج اربكني الحضور المفاجئ للصديقين ناظم مهنا وجهاد سعد وهما أحسن أثنين بدمشق بالإضافة لأصدقاء آخرين... المهم، لم أخبر جهاد وناظم بما حدث لي مع ذلك السفيه، لكنني حدثتهما عن تلك المرأة اللبنانية ومأساتها، وكنتُ موشكاً على البكاء بل على الصراخ من هذا العالم المجنون الذي لم يعد فيه أحد يفهم أحداً، أو يرضى بالاستماع لمأساته في الأقل!!. ألم يكن من حقها، تلك المرأة المسكينة، أن تلعننا جميعاً، نحن الكتّاب والشعراء، قبل أن تقتل نفسها؟! أليست لا أباليتنا وتغافلنا عن الجرائم يشجع المجرمين على التلاعب بمصائر الناس بل وقتلهم سواء في لبنان أو الجزائر أو فلسطين أو العراق أو سوريا أو أي مكان آخر في هذا العالم الرديء؟! لقد قتلوا ولدها الصغير دون ذنب.. ودون أن يعرف المسكين هو أيضاً لماذا كانوا يطلقون عليه النار!! ربما لم يكن يصدّق ذلك فركض بدمائه النازفة هارباً لا يعرف إلى أين!! لقد تلطخ تاريخنا كله بدمائه البريئة، لكن أحداً لا يشعر بذلك، فالتاريخ والضمائر والكلمات كلها مصابة بخدر عجيب. لقد أصبحت بضائع معروضة في سوق النخاسة!! فالجميع تقريباً سادرون في الكذب والسرقات والنذالة إلى جانب الادعاءات الثورية والبطولات الفارغة!!. لقد قتلت الأم نفسها لأنهم قتلوه، قتلوا حلمها الصغير.. قتلوا الدنيا في قلبها الحزين، فحدث أن فقدت القدرة على المحبة أو الكراهية أو الصمت أو الصراخ، ولم يعد لأي شيء معنى أو جدوى إزاء حالة القهر التي هيمنت عليها. لذلك يقتل الناس أنفسهم. إنني حقا أخاف أن تجتاحني وتسيطر على مشاعري حالة كهذه، فقد أعدموا الكثيرين من أصدقائي في العراق، وقد شهدت القتل والخراب الرهيب خلال اجتياح الإسرائيليين للبنان في1982وماتت أمي في العام الماضي دون أن أراها منذ عشرين سنة، ومات بعض أعز أصدقائي: حازم الصمياني وعلي كلف أعدموهما في طرف مدينة الديوانية، والحاج إسماعيل الرجل الطيب صاحب المقهى الكبيرة قرب الجسر الذي اختلّت مشاعره هو أيضاً بعدما قُتل أبنه في الحرب مع إيران، ففقد القدرة على النوم وصار يهيم على وجهه في آخر الليل حتى وجدوه ذات يوم طافياً في نهر الفرات..، ورياض إبراهيم لقد مات هو أيضاً، مات بينما كان يحاول الهروب من العراق هو وعائلته. حدث ذلك في المدينة الحدودية (زاخو) قبل سنتين بعد أن تلفن لي قبل موته بأيام حيث ضحكنا كثيراً وتشاتمنا واتفقنا أن نلتقي بدمشق. لكنني لم أصدق ما حدث لحد الآن. لم أصدق بأنه مات بنوبة قلبية. ولا يمكنني تصديق ذلك أبداً، فحتى لو تغيرت الأمور وعدنا إلى العراق، فأي عذاب فاحش سيكون حين لا أجد أمي هناك ولن يكون بوسعي أن أرى حازم الصمياني أو علي كلف أو هاشم لفته وهاشم حسين والكثير من الأصدقاء الآخرين الذين أعدمتهم السلطة، وفوق كل هذا سوف لن يكون بوسعي أن أرى رياض إبراهيم وأسمع ضحكاته المجلجلة ونكاته العجيبة حول أيام (الجبهة الوطنية) ومفارقات البعثيين والشيوعيين في البصرة!!. لقد لاحظ جهاد وناظم ارتباكي وأنا أحدثهم عن مأساة المرأة اللبنانية، لكنني غيرت الموضوع سريعاً، فالحياة حقاً لا تستحق كل هذه الهموم القاتلة، وإلا فأننا جميعاً سوف نقتل أنفسنا أو نجن، نحن الشرفاء والطيبين، وإذا فعلنا ذلك حقاً، فلن يبقى في البلاد العربية سوى الأنذال والسفلة،.. فتصوروا أية بلاد بائسة ستكون!! ثم لماذا نقهر أنفسنا إلى هذا الحد في هذه المقاهي التي تضج بالحثالات وشرطة الأمن والسفهاء؟. وحين نلتفت يميناً وشمالاً لا نجد من هو مهتم بما يجري حقاً، وكأن كل هذا يحدث في المريخ!! خذ الشعراء العرب الذين يدّعون بأنهم ضمير الأمة، لا أحد يتحدث عن حقيقة ما يجري في بلاده!! بل إن بعضهم لا يتوانى عن مديح أنظمة فاشية!! لا يفكرون إلا بالمهرجانات والجوائز وبمن سيكتب مقالاً عن قصائدهم التي لا طائل من ورائها، لقد أصابتهم لوثة الجوائز والمهرجانات، يسرحون ويمرحون في فنادق الدرجة الأولى باعتبارهم عباقرة، دون أن يعوا بأن وزراء الإعلام يضحكون على عقولهم ويستعملونهم للدعاية ويضحكون من قصائدهم وتصريحاتهم الفارغة في المقابلات التلفزيونية! يسرحون ويمرحون في فنادق الدرجة الأولى متبجحين بمغامراتهم الغرامية، والحقيقة أن أحسن واحد فيهم لا يجرؤ على مغازلة موظفات الفندق، وإذا صادف أن شاهدوا زميلاً لهم يتحدث مع امرأة حتى لو كانت تسأله عن عنوان ما، فأنهم يحقدون عليه ويضايقونه دون أن يعرف هو لماذا!! وهذا يحدث كثيراً. ذكر لي أحدهم مرة أنه لاحظ كثرة المضايقات التي تأتيه من زملائه الأدباء دون سبب واضح، فحيره الأمر للوهلة الأولى، لكنه سرعان ما شعر ببهجة خفيّة لم يحدّث عنها أحداً كما قال. وحين سألته مستغرباً: ولكن لماذا البهجة ولماذا هي خفيّة يا عزيزي؟! ولماذا لم تخبر عنها أحد؟! أجابني: الحقيقة إنني فسرت الأمر أن دراسة نقدية نُشرت عن أعمالي في إحدى المجلات دون أن أراها لحد الآن، فهؤلاء الأوغاد حين يقرؤون مقالاً لصالحك لن يخبرك أحد!! أو إن أحدهم سمع بترشيحي لجائزة ما، فأشاع الخبر بين الآخرين الذين تناهبتهم الغيرة والأحقاد كالعادة كما تعرف. لذلك لم تعد تهمني المضايقات بعد أن توقعت السبب. لكنني لم أطق صبراً لكي أتأكد من حقيقة الأمر، فذهبت ذات ليلة لواحد من أكثرهم حقداً وفجاجة، شاعر ستيني معروف بنكاته البذيئة. لكنه يتشمم الأخبار ويعرف كل شاردة وواردة، وحين صارحته بحقيقة هواجسي، ألتفت إليَّ باستغراب واستخفاف وهو يقول: (أنت فعلاً تافه، ولك أنت جيرانك ما سامعين باسمك، ثم مين هالحمار البدو يرشحك لجائزة إسماعيل ياسين.. ها؟! أمشي قوم، قوم أغرب عن وجهي يلعن ساعتك،.. قال جائزة قال!!) وهكذا فقد شعرت بخيبة حقيقية لأنني تأكدت من طريقة كلامه بأن لا جائزة ولا من يحزنون، غير انه وقبل مغادرتي سألني بخبث: (هلق أنت شو بدك بالجوائز والحكي الفاضي، ها؟! بدي أسألك، من وين لك هالصبية الحلوة التجي معك على الكازينو هالأيام، ها؟!) عندها انتابني الذكاء دفعةً واحدة ولأول مرة في حياتي ربما، إذ أدركت للحظة خلفية المضايقات والأحقاد وسببها الحقيقي. فما كان مني، إلا أن أنفجر ضاحكاً وأنا أقول له: (هذه هي جائزتي يا أستاذ، جائزتي التي لا يستطيع أحد أن يحرمني منها، إنها حبيبتي الجديدة، أما أنتم فتعفنوا في هذه البارات البائسة مع خيالكم الرديء وقصائدكم الأكثر رداءة) فما كان منه إلا أن يختنق غيظاً ويخبطني بيده التعبانة على رأسي، الأمر الذي زادني سعادةً لأن الكذبة انطلت عليه. فالفتاة التي يقصدها كانت جميلة فعلاً، لكنها ابنة خالتي، وكان معها خطيبها الذي ذهب لشراء السجائر حين مر هذا البليد ورآني معها في الأسبوع الماضي. وقبل ذلك بأيام حدث وأن جلستْ معي مرتين أو ثلاث في الكازينو نفسها حيث يجلس بعض الأدباء هناك!! فتصوروا أن قصصاً عابرة من هذا النوع تأخذ أغلب أوقاتهم. إن أكثريتهم بائسة وبدون هموم حقيقية، لذلك تأتي قصائدهم وأحاديثهم مملة وسقيمة في الغالب، وبدون طعم.. ولذلك لا أحد منهم يفكر بالناس الذين تقتلهم ميليشيا الأحزاب أو الحكومات المسعورة، فهم يعتقدون بأنهم إذا تحدثوا عن الحقائق لن يدعوهم أحد إلى المهرجانات أو يطبع لهم كتباً في وزارات الثقافة والإعلام، وهكذا وصلوا إلى هذا المستوى الغريب مع الأسف!.. لقد تهاوى الضمير تقريباً، لا أحد يتحدث عن الحقائق أو يدافع عنها! إنني أكره بعض الأدباء أكثر من كراهيتي للبعوض، خاصة أولئك الذين يدافعون عن الطغاة ولا يهمهم سوى قبض الأموال من الحكومات الجائرة. أتمنى لو تغرق بهم سفينة وسط البحر ليظلوا يصرخون رعباً لعدة أيام حتى تنطفئ أروحهم عشرات المرات دون أن يسمعهم أحد إلى أن تنقذهم الصدف بأعجوبة،.. نعم يجب إنقاذهم في النهاية، لأنه ليس من العدل أن يموت هؤلاء الأوغاد قبل أن يعانوا المزيد من مثل هذه التجارب المريرة..
* * * * *
لقد قتلني الحزن مراراً وما زلت أضحك. فقد كنتُ أخرج من المعركة منتصراً في كل مرة. وليست لدي أية أرباح أو غنائم. ولا أملك سوى الرغبة بالتفرج على مهازل الحياة ومفارقاتـها العجيبة حقاً.. ولو لم أهرب من العراق قبل عشرين سنة لقتلوني أنا أيضاً، ولما كان بوسع أحد أن يسمع باسمي، فقد كنتُ أشتم البكر وصدام في مقاهي مدينة الديوانية علانيةً. كانت تلك حماسة الشباب التي لا تحسب للعواقب حساباً. لكنني بصراحة صرت أشعر بالخوف الآن كلما تذكرت تلك الأيام، فقد سمعت بأنهم أعدموا أناساً عديدين على قضايا أخف بكثير مما كنت أفعل وأقول.. لو لم أهرب لقتلوني حتماً، ولما استطعت أن أرى دمشق وبيروت ولندن وبروكسل وبودابست الجميلة، ولما تعرفت على نساء كثيرات أغدقت عليهن بمجوني في ليالٍ لا تنسى حقاً. ولما تعرفت على الكثير من الناس الرائعين أينما حللت، كالصديق السوري أبي بشار حيث عملنا سويةً في إحدى المجلات ببيروت وبسام أبو شريف الذي أدخلني (مستشفى المقاصد) في1980 عندما كنت محرراً في مجلة (الهدف) إذ أجريت لي عملية بسبب التدخين ولولاها لكان موتي محتملاً. لكن أين ماهر الفلسطيني الآن، ذلك الصديق الحميم وهو من الجبهة الشعبية أيضاً، الذي تعرفت عليه في بغداد، ووجدته في مخيم اليرموك حين وصلت دمشق هارباً من الجحيم في نيسان1979، كان ذكياً وعميقاً ومؤدباً على عكس بعض الذين وجدتـهم في (الهدف) وقتذاك، حيث سرق أحدهم شمسيتي في الأيام الأولى لعملي في(الهدف)، ولم أتفاجأ وقتها فقط، بل شعرت بإحراج غريب كما لو كنت أنا السارق! لذلك لم أحدّث أحداً عن الأمر مطلقاً ولا أعرف كيف طفر هذا الحادث إلى ذاكرتي الآن! إنـها مفارقات الحياة، لكن ومهما يكن من أمر، عليَّ أن أنسى، فالنسيان أفضل لراحة البال..لا أعرف ما الذي أعادني هذا الصباح للتفكير بكل هذه الأحزان وتذكر كل هؤلاء الناس؟! ربما هي قصيدة بسام حجار الحزينة التي صادفتها قبل قليل في عدد قديم من جريدة (الحياة) إنها حزينة فعلاً، وقد أعاقتني عن الخروج إلى الشوارع الندية في هذا الصباح اللندني الجميل.. لكن لماذا العودة للتفكير بهذه الذكريات دائماً؟! ثم مالي أنا ومال الأحزاب الفاشية والأدباء السيئون والدجالون. ليذهبوا جميعاً إلى الجحيم، فليس من الحكمة أن أبقى حزيناً هذا الصباح وأنا هنا في لندن وأمامي عشرات الحدائق الفسيحة والشوارع والأسواق، ولن يتسنى لأي وزير أو ضابط مخابرات أن يتمتع مثلي بكل هذه الأجواء الجميلة، ولا حتى الرؤساء والملوك وقادة الأحزاب الذين يتنقلون بحذر ومع حماية مشددة، أما الطغاة فهم قلقون دائماً ولا يعرفون متى ينقلب عليهم أعوانهم ويقتلونهم شر قتلة!.. ليذهبوا إلى الجحيم إذن، أما أنا فقد بدأت أشعر بشيء من البهجة الندية تدب في روحي وثيابي مع موسيقى قادمة من محطة(CLASSIC FM) وها هي تُعيدني إلى هناك، مبتلاً بمطر خفيف في مساءات بيروت العذبة مع النبيذ اللذيذ والسندويشات اللبنانية الطيبة، حيث أعود وحيداً إلى كورنيش المنارة، وحدي مع البحر الفسيح تجتاحني بهجة غامرة لم أفهم كنهها لحد الآن! ربما هي بساتين العراق وشمسه التي تُشرق في قصائد علي الشباني التي أردد أبياتها بين وقت وآخر، شمس العراق وبهجة السواقي وجذور الأعشاب وهمس البنات الجميل.. ربما هو التقاء روحينا الحزينتين، روح بيروت وروحي أنا.. بيروت التي يجب أن أعود إليها في نهاية المطاف، كعاشقٍ أخذته الغفلة والمشاغل لبعض الوقت، لكنه سيعود حتماً.. مبتهجاً وحزيناً ليشرق من جديد أمام تلك الأبواب المضيئة، أبواب بيروت التي لا مثيل لها
.......................
عن مجلة الواح ...اسبانيا..
No comments:
Post a Comment