الشعر فيض الاعتراف الصادق، يتجلى بوحا حميما شفيفا وكأنما هو مرتبة من مراتب السكر بالوجود والذات والاخر، فليس ثمة الا وهن الاعتراف ورشح الحقيقة، وها هنا تكون الكلمة كشفا واكتشافا، ويكون الكشف دهشة وصدمة، وحينها تكون العلاقة بالكلمة ملذة، كونها تدعو مدركها الى مزيد من السعي الى لذة الكشف الحميم الدافئ.
والشعر معرفة لا يكون الامساك بمكنون جمراتها الا بجعل الحس وسيلة، اما ان يكون الحس بكل فجاجته وتراتبيته وبساطة علائقه غاية، فلا... ذلك ان الشعر فضاء اللامرئي واللامحسوس والباطن، وما الشاعر الا وجع الترقي الى حيث تلك المساحة التي يستنبت فيها الخيال ذاتا تحاول الفكاك من قيد الحس والحسيات، ويدعو ذاتا اخرى ذات المتلقي الى الاستنبات عينه، وابدا الملتقى هناك حيث ذلك الخط الفاصل بين الجمرة والرماد هناك حيث يشاطر الشعر منجز الحكمة والفلسفة والعلم تخوم الكشف، والا فلا تلقح الكلمة، ولا تلقح حينما لا تكون صادرة صدور العطشان عن مورده.. ولا تلقح حينما لا يظهر الشعر بحاشية الباطن، فان ظهر بحاشية الظاهر تراءى لسالك وجعه ولم ير، والاصل ان يرى لا ان يتراءى له..!والشعر، عود الى طفولة الاشياء، العقل والمعقول وما بينهما وليس بينهما، وليس يشطرهما الا ما لا وجود له عيانا ولكنه الوجود محضه اصالة، ولا يتحقق لذلك الوجود ان يدرك الا حينما نلاقح بصر الطفل ببصيرة الشيخ، اي حينما نتحسس قلق الوجود تحسس الماء للعطر، اي حينما نتماهى والموجود فلا فاصل بين الحقيقة والحلم، ولا صفة لذلك التماهي كصفة تماهي الضوء في الفضاء.. ان ندرك ذلك الوجود شعرا يعني ان نمسك بما حولنا بعد الامساك بما (انطوى فينا من ذلك العالم الاكبر)، امساك الحكيم بصولجان الحكمة، فان امسكنا به كذلك قوينا به قائلين او قارئين والا فلا اضعف من شاعر.. فهو اذن ان نعرف كيف نرقى به ونترقى والا فلا أغوى من شاعر او تابع شاعر، وهو ان نتقن من خلاله وبوساطته البناء والا فلا معول كمعول شاعر..نعم تموت الكلمة على يد شاعر فذ، ولكنها تموت لتبعث حية الحياة الباقية، فلا حضور للغة الغفل الا حينما تتشكل هناك في وجدان المعرفة العلائية، ومنها معرفة الشاعر، فالشعر قراءة الذات اولا وعماد وعيها بفرادتها واناستها، ثم هو قراءة ما بين دفتي الكتاب الكوني، كتاب الوجود، ومن ثم معرفته، فاذا كان الشعر كذلك، كان حالة من احوال اليقين، وهنيهة من هنيهات الحبور، وحالة من احوال السالكين..الشعر هو نمسك بشيء هلامي نعيد لبسه وملابسته فينا، وبنا بعد الاستماع الى الشاعر بعيدا عن الرزم الصوتية الحروفية لما نسمع، ولقد امسك القدماء بذلك الشيء فصرعوا واتسعت مساحة الرؤية والرؤيا، وكذلك اسس الشعر وما زال، ولكن الشاعرين بالشعر ما عادوا كما كانوا، فعيب في الشعر ام في الشعراء..؟واذا كان لزاما الاقتداء بالغرب، فالغرب الان يعيد قراءة الاسطورة والحكاية والرسوم البدائية.. ولا يعيد القراءة ترفا، بل ضرورة همها الامساك بتلك المعرفة الذاتية (معرفة الابداع) الزائفة المحتملة المشموشة، اذ الابداع والعلم جانبان او شطران والمشطور واحد، الا وهو اكتشاف السر وتشظية المجهول.. ويبقى الانسان (جهازه العصبي والادراكي) الذي اكتشف مبدعا عينه الانسان الذي اكتشف عالما.. وتبقى الحدود الفاصلة بين الفن بعامة وبين العلم نسبية، وتبقى الحقيقة زئبقية، فهي اذهي في ذهن العالم فانها في ذهن الفنان..فلماذا اذن تحجيم منجزنا الابداعي ممثلا بالشعر، لماذا هذه النظرة الهامشية، ولماذا لا نعيد النظر بحقيقة ان وظيفة الشعر ليست تخديرية غايتها اشباع رغبة غريزية او ذوقية، حصرا، وانما هي على مساس وشيج بوظيفة تنمية القدرة العقلية ذاتها..الا، فلنرجع فنقرأ شعرنا قراءة اخرى، فما آل الامر آخر عهد البشرية بحياة هذا الكوكب، هو الكلمة، اذ في البدء كانت الكلمة، فالكلمة اول وآخر، وما بين هذه وتلك وسائل ليس غير..!
والشعر معرفة لا يكون الامساك بمكنون جمراتها الا بجعل الحس وسيلة، اما ان يكون الحس بكل فجاجته وتراتبيته وبساطة علائقه غاية، فلا... ذلك ان الشعر فضاء اللامرئي واللامحسوس والباطن، وما الشاعر الا وجع الترقي الى حيث تلك المساحة التي يستنبت فيها الخيال ذاتا تحاول الفكاك من قيد الحس والحسيات، ويدعو ذاتا اخرى ذات المتلقي الى الاستنبات عينه، وابدا الملتقى هناك حيث ذلك الخط الفاصل بين الجمرة والرماد هناك حيث يشاطر الشعر منجز الحكمة والفلسفة والعلم تخوم الكشف، والا فلا تلقح الكلمة، ولا تلقح حينما لا تكون صادرة صدور العطشان عن مورده.. ولا تلقح حينما لا يظهر الشعر بحاشية الباطن، فان ظهر بحاشية الظاهر تراءى لسالك وجعه ولم ير، والاصل ان يرى لا ان يتراءى له..!والشعر، عود الى طفولة الاشياء، العقل والمعقول وما بينهما وليس بينهما، وليس يشطرهما الا ما لا وجود له عيانا ولكنه الوجود محضه اصالة، ولا يتحقق لذلك الوجود ان يدرك الا حينما نلاقح بصر الطفل ببصيرة الشيخ، اي حينما نتحسس قلق الوجود تحسس الماء للعطر، اي حينما نتماهى والموجود فلا فاصل بين الحقيقة والحلم، ولا صفة لذلك التماهي كصفة تماهي الضوء في الفضاء.. ان ندرك ذلك الوجود شعرا يعني ان نمسك بما حولنا بعد الامساك بما (انطوى فينا من ذلك العالم الاكبر)، امساك الحكيم بصولجان الحكمة، فان امسكنا به كذلك قوينا به قائلين او قارئين والا فلا اضعف من شاعر.. فهو اذن ان نعرف كيف نرقى به ونترقى والا فلا أغوى من شاعر او تابع شاعر، وهو ان نتقن من خلاله وبوساطته البناء والا فلا معول كمعول شاعر..نعم تموت الكلمة على يد شاعر فذ، ولكنها تموت لتبعث حية الحياة الباقية، فلا حضور للغة الغفل الا حينما تتشكل هناك في وجدان المعرفة العلائية، ومنها معرفة الشاعر، فالشعر قراءة الذات اولا وعماد وعيها بفرادتها واناستها، ثم هو قراءة ما بين دفتي الكتاب الكوني، كتاب الوجود، ومن ثم معرفته، فاذا كان الشعر كذلك، كان حالة من احوال اليقين، وهنيهة من هنيهات الحبور، وحالة من احوال السالكين..الشعر هو نمسك بشيء هلامي نعيد لبسه وملابسته فينا، وبنا بعد الاستماع الى الشاعر بعيدا عن الرزم الصوتية الحروفية لما نسمع، ولقد امسك القدماء بذلك الشيء فصرعوا واتسعت مساحة الرؤية والرؤيا، وكذلك اسس الشعر وما زال، ولكن الشاعرين بالشعر ما عادوا كما كانوا، فعيب في الشعر ام في الشعراء..؟واذا كان لزاما الاقتداء بالغرب، فالغرب الان يعيد قراءة الاسطورة والحكاية والرسوم البدائية.. ولا يعيد القراءة ترفا، بل ضرورة همها الامساك بتلك المعرفة الذاتية (معرفة الابداع) الزائفة المحتملة المشموشة، اذ الابداع والعلم جانبان او شطران والمشطور واحد، الا وهو اكتشاف السر وتشظية المجهول.. ويبقى الانسان (جهازه العصبي والادراكي) الذي اكتشف مبدعا عينه الانسان الذي اكتشف عالما.. وتبقى الحدود الفاصلة بين الفن بعامة وبين العلم نسبية، وتبقى الحقيقة زئبقية، فهي اذهي في ذهن العالم فانها في ذهن الفنان..فلماذا اذن تحجيم منجزنا الابداعي ممثلا بالشعر، لماذا هذه النظرة الهامشية، ولماذا لا نعيد النظر بحقيقة ان وظيفة الشعر ليست تخديرية غايتها اشباع رغبة غريزية او ذوقية، حصرا، وانما هي على مساس وشيج بوظيفة تنمية القدرة العقلية ذاتها..الا، فلنرجع فنقرأ شعرنا قراءة اخرى، فما آل الامر آخر عهد البشرية بحياة هذا الكوكب، هو الكلمة، اذ في البدء كانت الكلمة، فالكلمة اول وآخر، وما بين هذه وتلك وسائل ليس غير..!
.......................
عن جريدة الصباح البغدادية
No comments:
Post a Comment